بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 8 ديسمبر 2020

كيف أخذت الصاعقة بني إسرائيل وهم ينظرون ؟

 

كيف أخذت الصاعقة بني إسرائيل وهم ينظرون ؟


وَإِذۡ قُلۡتُمۡ يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهۡرَةٗ فَأَخَذَتۡكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ وَأَنتُمۡ تَنظُرُونَ ٥٥

وهذا الداء الوبيل " التجسد والتصوير والتشبيه" تمكن من بني إسرائيل واشربوه في قلوبهم ! رغم أنهم أولاد نبي كريم , وكان يسوسهم الأنبياء , وأصولهم توحيدية , وهكذا لا يكادون يخرجون من هوةٍ سحيقة , حتى ينحدرون إلى هوة آخرى وبيلة , فبعد أن اتخذوا العجل وعكفوا عليه ـ كوسيط وسبب مصور يقربهم إلى الله تبارك وتعالى زلفى ـ ثم تابوا وأنابوا إلى الله تبارك وتعالى , حتى رجعوا وانتكسوا مرة آخرى بشكل مختلف , ولكنهم هذه المرة أظلم وأطغى , إذ بعد أن جاءهم نبيهم الكليم عليه من الله تبارك وتعالى الصلاة والتسليم ,بالكتاب المنير والفرقان المنفلق من الكتاب , ضجروا من هذه الشريعة المحكمة المبينة الحاكمة لكل ما يختلفون فيه ومنهج يحيط بكل تفاصيل حياتهم , وليس فيه أي مجال للهوى والرغبات النفسية ! لأن الشريعة الموسوية كانت كلها عزيمة وصارمة تتناسب مع قومٍ مُسخت فطرتهم , وانحطت آدميتهم , نتيجة الذل والمهانة التي تعودوا عليها تحت حكم الفراعين ! كما اشربوا عبادة العجل أيضاً عندهم ! .... فالمسافة بعيدة جداً بينهم وبين الفطرة  والإستقامة , والخروج من شرنقة التجسيد والتشبيه , فكأنهم قالوا لموسى عليه السلام لما تضّيق علينا ؟ ولما نفعل هذا , وتحتمه علينا , ولما تحّرم علينا هذا ...ولما ... ولما .. فلما قال لهم نبيهم موسى الكليم عليه السلام , لست أنا من يأمركم وينهاكم , إنما هو إلهاكم الله تبارك وتعالى رب العالمين تبارك وتعالى ربي وبكم , فقالوا ـ  ولبئس ما قالوا ـ إذاً أرنا الله تبارك وتعالى جهرةً يأمرنا بذلك وينهانا عن هذا , ونتلقى منه الشريعة مباشرةً , أو يأمرنا بإتباعك وإتباع كتابك ! وعندئذٍ نؤمن لك ونتبعك !! .... ولا عجب فعندما نتتبع خطاب القوم مع نبيهم الكريم موسى عليه السلام في القرآن الكريم نجد نبرة الشك والريبة واضحة في كلامهم ... وما تخفي صدورهم أكبر !!    ثم ماذا بعد ... لقد أخذتهم الصيحةُ المدوية العاتية ... ولكن ....كيف أخذتهم وهم ينظرون !! 

هؤلاء المنافقين الذين تكلموا بهذه الكلمة ـ كبرت كلمة تخرج من أفواههم ـ كان يحضر معهم هذا المشهد بعضهم ولكنهم لم يتكلموا بمثل كلمتهم , ولكنهم لم ينكروا عليهم هذا التجديف , لذلك القرآن الكريم يتعامل مع كل الملاء الحاضرين للمشهد من تكلم ومن لم ينكر كجزء واحد وكرجل واحد , لذلك يخاطبهم خطاب واحد " وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَٰبِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ ءَايَٰتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَٰفِقِينَ وَالْكَٰفِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا" 140 سورة النساء ... فالذين تكلموا بهذه الكلمة أخدتهم الصاعقة من فورهم , والذين حضروا ولم ينكروا كان عذابهم ونكالهم أن يروا هذا العذاب على الذين تكلموا وجدفوا على بعد خطوات منهم فقط وهم ينظرون لهذه الآية في صعق المجدفين المجترئين على رب العالمين تبارك وتعالى .

ثُمَّ بَعَثۡنَٰكُم مِّنۢ بَعۡدِ مَوۡتِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ٥٦

ويبدوا أن قوم موسى عليه السلام شفعوا عنده في هؤلاء المجدفين الموتى , وأخذوا يبكون ويقولون هكذا سيفنى بني إسرائيل فما زال العهد قريب بالمقتلة العظيمة التي حصدت الذين عكفوا على العجل , وهذه مقتلة آخرى !! وهكذا خرجنا من مصر هرباً من الفناء ... وها نحن نفنى في هذه الصحراء بأيدينا !... وخيم الحزن والبؤس على بني إسرائيل ... وسألوا نبيهم الكليم عليه الصلاة والسلام أن يشفع فيهم عند ربه جل جلاله وتباركت أسمائه ,,,عندئذ شعر نبي الله تبارك وتعالى موسي عليه السلام ببؤس حالهم , ورثى لبكائهم , واستجاب لرجائهم ,فقام يسأل مولاه وحسيبه , جل جلاله وتباركت أسمائه , باكياً ذليلاً , يثني عليه ثناء الأنبياء ,ويتوسل إليه توسل أولي العزم من الرسل , فأجاب رب العالمين تبارك وتعالى دعاءه وقبل شفاعته في هؤلاء المجدفين , رحمة منه وفضلاً ,ولعلهم يعرفون نعمة الله تبارك وتعالى عليهم فيشكروا ويستقيموا على منهج الله تبارك وتعالى .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لماذا أمر الله تعالى بني إسرائيل بدخول القرية سجداً ؟

 لماذا أمر الله تعالى بني إسرائيل بدخول القرية سجداً ؟ وَإِذۡ قُلۡنَا ٱدۡخُلُواْ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةَ فَكُلُواْ مِنۡهَا حَيۡثُ شِئۡتُمۡ رَغَد...

مشاركات شائعة