وَإِذۡ وَٰعَدۡنَا مُوسَىٰٓ أَرۡبَعِينَ لَيۡلَةٗ ثُمَّ ٱتَّخَذۡتُمُ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِهِۦ وَأَنتُمۡ ظَٰلِمُونَ 51 ثُمَّ عَفَوۡنَا عَنكُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ٥٢
يبدو لنا من الآية الكريمة أن نبي الله تبارك وتعالى موسى الكليم عليه السلام قد دعا ربه عزوجل وطلب لقاء المناجاة مع الله تبارك وتعالى ليشكر الله تبارك وتعالى على نعمه وآلائه في نجاة بني إسرائيل من العذاب المهين , وليتزود من كلام الله تبارك وتعالى وهيبة القدس ليستعين بهذا الزاد على أداء رسالته لبني إسرائيل , وقيادة وهداية قومه الذين خرجوا من التوحيد إلى الوثنية تحت وطأة معاشرة القبط المصريين الذين اتخذوا آلهة شتى, وعبدوا الحكام والملوك بزعم أن دمائهم من دماء الآلهة المزعومة , ولذلك الآية الكريمة من خلال كلمة "واعدنا" تصف مشهداً لموسى عليه السلام وهو يدعو الله تبارك وتعالى ضارعاً خاشعاً ذليلاً منكسراً لمولاه الحق جل جلاله وتباركت أسمائه على نعمة النجاة العظيمة التي أنقذت قومه من الهلاك المحقق والفناء المحتوم الذي كان يسعى إليه الطاغية وقومه , ويسأل ربه ومولاه الحق المبين أن يمن عليه بوعد وموعد يخلو فيه بمناجاته وسماع كلام الله تبارك وتعالى ,ليقدم شكره وخضوعه لمولاه , ويتزود من مناجاته وكلامه القدسي والحضور في ساحة الهيبة القدسية , لإداء رسالته وتمام مهمته مع قومه الذين ضلوا بعد الهداية , وأشركوا بعد التوحيد الذي كان عليه أباءهم الأولين , وقد منّ الله تبارك وتعالى على عبده الكليم موسي عليه من الله تبارك وتعالى التسليم , وأجاب دعاءه , وواعده ثلاثين ليلة من المناجاة وسماع كلام الله تبارك وتعالى , وياله من فضل عظيم لا يستطيع وصفه الواصفون , ولكن الكليم عليه السلام رغم سروره وغبطته بهذا الوعد الحق المبين , إلا إنه طمع في المزيد لما رأى من فضل ربه ومولاه وإجابة دعائه , فسأل ربه ومولاه الحق المبين أن يمد له في الوقت ويبسط له في الوقت لينعم بالقرب من هيبة القدس , وما إن ذهب موسى لميقات ربه تعالى , حتى عبد قومه العجل وعكفوا عليه ! في مشهد غاية في الخسة والانحطاط , هؤلاء القوم الذين كانوا قبل قليل يسامون سوء العذاب على يد المصريين , فمن الله تبارك وتعالى عليهم ورحمهم ومن عليهم بهذا الإنجاء والسلامة والخروج من بين القوم الظالمين , فالقوم أحبوا عبادة العجل " ولد البقرة " بكل قلوبهم , وكانوا عاكفين عليه من قبل مع القبط المصريين , فعبادة العجل كانت معروفة عند المصريين وكانوا يسمونه " هاتون " و"أبيس " وهذه العبادة منقوشة على جدران معابدهم الشركية فما بال القوم الذين من نسل النبي الكريم يعقوب عليه السلام يرتكسون في هذه الحمئة الوبيلة من الشرك والضلال البعيد ! يصنعون العجل بأيديهم ثم يعكفون عليه! ورغم ذلك فإن الله تبارك وتعالى لم يعاجلهم بالمحق والهلاك , حتى دعاهم نبيهم للتوبة من ذلك بعدما ندموا على ما فعلوا وفعلوا ما أمرهم الله تبارك وتعالى به ليتوب عليهم , وليعفوا عنهم , وقد كان لعل القوم يشكرون الله تبارك وتعالى ويخلصوا الدين كله لله تبارك وتعالى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق