![]() |
هل تقع يوم القيامة شفاعة من أحد لأحد ؟ |
و الشفاعة هي أكثر ما يروج عند عامة الناس وخاصتهم ويتعلقون به تعلق الغريق بالقشة , ويروّن فيها روايات مأثورة غير صحيحة بالمرة لأنها تخالف ما قرره كتاب الله تبارك وتعالى في مسألة الشفاعة , والأصل في باب الشفاعة هو هذه الآية الكريمة والآية الكريمة الأخرى التي تليها في نفس السورة الكريمة " وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْءًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنفَعُهَا شَفَٰعَةٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ 123" وهذه الآيات الكريمة
" يَٰأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَٰكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَٰعَةٌ وَالْكَٰفِرُونَ هُمُ الظَّٰلِمُونَ 254 البقرة
" وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ "51 الأنعام
"وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَوٰةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَّا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ 70"الأنعام
"وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَٰكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَٰؤُا لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ 94" الأنعام
هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ 43" الأعراف
"وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَٰؤُنَا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّءُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَٰنَهُ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ" 18 يونس
"فَمَا لَنَا مِن شَٰفِعِينَ" 100 الشعراء "وَلَمْ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَٰؤُا وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَٰفِرِينَ" 13 الروم
" اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَٰوَٰتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ 4" السجدة
"ءَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ ءَالِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَٰعَتُهُمْ شَيْءًا وَلَا يُنقِذُونِ "23 يس
" أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْءًا وَلَا يَعْقِلُونَ "43 الزمر
" قُل لِّلَّهِ الشَّفَٰعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَٰوَٰتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ 44" الزمر
"وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْءَازِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَٰظِمِينَ مَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ" 18 غافر
"فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَٰعَةُ الشَّٰفِعِينَ" 48 المدثر
هذه الآيات الكريمة تنفي تعلق الشفاعة بغير الله تبارك وتعالى نفياً قاطعاً حاسماً باتاً , وهي الأصل في باب الشفاعة لأنها لم ترد بأي إستثناء من أي نوع لا متصل ولا منفصل , وتثبت تعلق الشفاعة بالله جل جلاله وتباركت أسمائه وحده وفقط وليس لأي أحد حج فيها مدخل كائناً من كان . كما وردت الشفاعة في آيات أخرى مقيدةً بإستثناء ذو حيثيات معينة , لا تعارض الآيات الكريمة السابقة الذكر , ولا تخصصها , وإنما تزيدها تأكيداً وبياناً وتوضيحاً , وهي كما يلى حسب ترتيب المصحف الشريف :
"اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَٰوَٰتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَءُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ "255 البقرة
"إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَٰوَٰتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ" 3 يونس "لَّا يَمْلِكُونَ الشَّفَٰعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَٰنِ عَهْدًا87" مريم
"يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَٰعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا" 109 طه
"يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ"28 الأنبياء
"وَلَا تَنفَعُ الشَّفَٰعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ"23 سبأ
"وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَٰعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" 86 الزخرف
"وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَٰوَٰتِ لَا تُغْنِي شَفَٰعَتُهُمْ شَيْءًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ"26 النجم
فكما نرى أن الشفاعة في هذه الآيات الكريمة متعلقة بإذن الله تبارك وتعالى , أو اتخذ عند الرحمن جل جلاله عهداً , أو أذن له الرحمن جل جلاله ورضى له قولاً , أو شفاعة الملائكة الكرام لمن ارتضى الرحمن جل جلاله , ... أما الإستثناء الوارد في سورة الزخرف الآية الكريمة
"وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَٰعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" 86 الزخرف , فنراه استثناء منقطعاً لأنه وارد على المشركين وشركائهم الذين يدعونهم من دون الله تبارك وتعالى ,
إذاً هذه الآيات الكريمة الأخيرة التي وردت فيها الشفاعة مقيدة بحيثيات كلها ترجع إلى الله تبارك وتعالى , كما امرنا الله تبارك وتعالى أن نقول ذلك ونؤمن به إيماناً لا شك فيه كما في الآية الكريمة " قُل لِّلَّهِ الشَّفَٰعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَٰوَٰتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ 44" الزمر ... وهذه الحيثيات الواردة في الآيات الكريمة السابقة الذكر كلها من الغيب الذي لا نعلمه ولا نتقدم فيها بين يدي الله تبارك وتعالى بشيء فالإذن والعهد والرضى كشرط للشفاعة كلها تابعة لمشيئة الله تبارك وتعالى يوم القيامة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق