أصل الشرك وكيف بدأ وانتشر بين الناس ؟
أصل الشرك وكيف بدأ وانتشر بين الناس ؟
وَإِذۡ قُلۡتُمۡ يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهۡرَةٗ فَأَخَذَتۡكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ وَأَنتُمۡ تَنظُرُونَ ٥٥ ثُمَّ بَعَثۡنَٰكُم مِّنۢ بَعۡدِ مَوۡتِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ٥٦ وَظَلَّلۡنَا عَلَيۡكُمُ ٱلۡغَمَامَ وَأَنزَلۡنَا عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَنَّ وَٱلسَّلۡوَىٰۖ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡۚ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ ٥٧
الشر المستطير والداء الوبيل الذي أدى إلى تهالك الناس في حمئة الشرك والضلال المبين هو " التجسيم والتجسيد " في عبادة الإله الحق سبحانه وتعالى , وكل الشعوب والأمم الغابرة عبر التاريخ البشري المديد كانت تعرف ... بل وتؤمن بالله جل جلاله وتباركت أسمائه .. وتعلم أنه في السماء في علاء العظمة والكبرياء والقدرة العظيمة , وأنه تعالى الخالق لكل شيء , وهذا الإيمان " بالربوبية " مرتكز في فطرة الخلق أجمعين وقد أكده وزاده تأكيداً الميثاق الذي أخذه رب العزة جل جلاله وتباركت أسمائه على كل ذرية آدم في الملاء الأعلى عندما خُلق آدم عليه السلام ....... لكن من أين يأتيهم الشيطان ليوقهم في شراكه و حمئة الشرك الوبيلة , من خلال فكرة التجسيد الإلهي ... من خلال وسائط تصلهم وتشفع لهم عند الذات الإلهية المتفرد في العلو والعظمة والكبرياء , وهكذا يبدأ الشيطان اللعين دعوته للناس من بداية الإيمان والإقرار , ثم يستدرجهم بخطوات محسوبة ممنهجة عنده خطوة تتبعها آخرى , حتى تأتي الخطوات أكلها وثمرتها المرجوة , ويُخرج الناس من نور الفطرة والإيمان إلى ظلمات الجحود والكفران , والشرك الماحق لكل الحسنات , يخاطب الناس خطاب الداعي للإيمان , يلقي في روعهم أن الذات الإلهية المقدسة مشغولة بنفسها عن البشر لأنهم بالنسبة لها ولعظمتها وقدسيتها مخلوقات ضئيلة وضيعة , وأنهم لابد لهم من شفعاء ووسطاء لهم المكانة الرفيعة عند الله تبارك وتعالى , ليقوموا بقضاء حوائج الخلق , من خلال التفويض الممنوح لهم والقدرة الموهوبة لهم من الذات الإلهية المشغولة بنفسها و لا وقت لديها للنظر في شئون البشر ......
وهكذا ـ ومن خلال هذا العرض المختصر الشديد لخطوات الشيطان ـ يلقي الشيطان بذرته الشيطانية في تربة الجهل والتقليد الأعمى وانحطاط التصور عند البشر , ثم يسقيها بماء الأساطير والخرفات التي يفتريها ويبثها في تصورات البشر ومصادرهم المعرفية , ولأنها نبتة شيطانية فهي تخرج مرة وسيطاً وسبباً في شكل عجل , ومرة تخرجه في شكل بقرة , وآخرى في شكل حجراً مصوراً " صنماً " أو حجر غير متشكل " وثناً" ,و أخرى في شكل قبر ومقام لولي أو حتى لحمار !! حتى عندما دعاهم الشيطان لعبادة الشمس " كوسيط " قوى ونافع وقريب المنزلة من الذات الإلهية ,أو الملائكة الذين جعلوهم بنات للذات الإلهية , أو الكواكب والنجوم في السماء , صّور لهم صوراً لها لتكون في معابدهم , في الأرض !! ولابد أن تكون في الأرض ...!! وهكذا........ حتى لا يرفع الإنسان بصره للسماء أبداً , ولا يتجه إليها أبداً في سؤال حاجاته ودفع بلائه !! رغم اعترافهم وإقرارهم بان هؤلاء جميعاً من خلق الإله الحق العظيم المتفرد في علاه ـ وهى عندهم ذات الهيه مقدسة مشغولة بنفسها عن البشرـ وقد لا تكون مبالغةً وشططاً , اذا قلت إن الشيطان يتخذُ منهجاً في غواية البشر ذو نسق وترتيب وخطوات مدروسة تتناسب مع الزمان والمكان وطبيعة الناس فيهما , بل ويضع منهجاً للناس مضاهي لمنهج الله تبارك وتعالى , بشكل معكوس ومنكوس ومظلم ومسموم !! فما من أمرٍلله تبارك وتعالى بداية من التوحيد وإخلاص الدين لله تبارك وتعالى حتى إماطة الأذى عن الطريق , إلا وجعل الشيطان اللعين له أمر مضاهياً ولكن بشكل معكوس ومنكوس ومظلم ومسموم , كما أن أوامر الله تبارك وتعالى صدق وعدل واستقامة ونور شفاء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق