بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 نوفمبر 2020

هل البسملة آية من أول كل سورة من سور القرآن الكريم ؟



هل البسملة آية من أول كل سورة من سور القرآن الكريم ؟


 والبسملة آية من الفاتحة , وآية من أول كل سورة , ولا فرق في ذلك بين الصلاة والقراءة خارجها , لأنها ثابتة في المصحف الشريف في أول كل سورة  , وثبوتها في المصحف الشريف كافٍ لكل المؤمنين لأن القرآن الكريم مكتوب على هيئته وصورته في أم الكتاب ولا دخل للصحابة ولا غيرهم في حرفٍ واحد منه إثباتاً أو حذفاً , تقديماً أو تأخيراً , ومن اعتقد غير ذلك فهو تائه ضال ,نسأل الله تبارك وتعالى أن يهدينا سواء السبيل , كما يجهر بها في كل المواضع في الفاتحة وبداية كل سورة في الصلاة وغيرها  كما يجهر بكل آيات القرآن الكريم , والخلاف الذي يملأ الكتب السلفية وغيرها حول كونها آية من الفاتحة أو ليست آية والجهر بها أو الإسرار  فهو لا معنى له وباطل أصلاً وفرعاً , وعلى الذين اتخذوا العلماء والشيوخ أرباباً من دون الله تبارك وتعالى , أن يستفيقوا من غيهم قبل أن تحق الحقائق ويزهق الباطل , ولا تملك نفس لنفسٍ شيئاً  والأمر يومئذ لله تبارك وتعالى , ولا حول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله تبارك وتعالى ونعم الوكيل .

   في رحاب سورة الفاتحة

بسم الله الرحمن الرحيمٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٢ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ٣

نرى الآية الكريمة بدأة بالحمد بصيغة الشمول والاستغراق لكل المحامد ومن كل الحامدين , الله تبارك وتعالى يحمد نفسه بنفسه  لأننا عاجزون عن حمده كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه , ولو إجتمعنا كلنا إنس وجان , أولنا وآخرنا على قلب رجل واحد , وبلسان واحد , في صعيد واحد , ما إستطعنا وفاء بجزء من جزء من الحمد المستحق له جل جلاله وتباركت أسمائه , ولهذا العجز المحتوم منا , فبرحمة من الله تبارك وتعالى وفضلٍ كفنا مؤنة هذا الواجب المستحق علينا , وقام بحمد ذاته المقدسة على ألسنتنا وبأوتار قلوبنا , جبراً لعجزنا , ورحمةً بضعفنا , وزكاةً وطهارةً لأنفسنا , ومدد روحي في أروحنا, فله الحمد ظاهر وباطناً في كل وقت وحين , ما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون , فهو المحمود سبحانه وتعالى على ألوهيته للعالمين بلا شريك له في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديراً , فهو المحمود سبحانه وتعالى على وحدانيته في الألوهية , ولم يتخذ له صاحبة ولا ولداً ,إذا لهكنا في عبادتهم جميعاً في وقت واحد وسعينا في إرضائهم جميعاً في وقت واحد , وهكذا هو حال المشركين هلكى في عبادة شركائهم المتشاكسون , قال الله تبارك وتعالى :" ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا رَّجُلٗا فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَٰكِسُونَ وَرَجُلٗا سَلَمٗا لِّرَجُلٍ هَلۡ يَسۡتَوِيَانِ مَثَلًاۚ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٢٩.الزمر   وهو المحمود على ربوبيته للعالمين خلقاً وإيجاداً ورعاية وإحاطةً للعالمين , 


مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ ٤

الرسم القرآني لكلمة مالك مختلف عن رسمنا , وليس ذلك حذفاً كما يدعي بعض العلماء المعاصرين , وإنما الحذف لحرف كان ثابتاً ثم حُذف , القرآن نزل هكذا على هذه الصورة والرسم , والألف مرسومة بهذا الشكل ,  فمتى أصبحت برسمنا الإملائي ؟! ثم متى حُذفت ؟! ومن ذا الذي تجرأ على كتاب الله تبارك وتعالى وقام بحذفها؟!  فما هكذا تورد الابل يا سعد !  إن الكلام عن كتاب الله تبارك وتعالى ينبغي أن يكون بحلم وعلم ووقار وسكينة ,  أما الكلام في كتاب الله تبارك وتعالى بألفاظ مثل الحذف أو الإضافة , أو أن هذا حرف زائد !!  وهذا مطلق ومحكم نحكمه, وهذا مقيد ومتشابه لا حكم له ولامعنى !!! أو أن هذه الآيات مخصوصة بفلان  أو باليهود والنصرى !!  ........... فهذا الذي نهانا الله تبارك وتعالى عنه مراراً في القرآن الكريم وحذر منه , وتوعد عليه بأشد الوعيد في آيات كثيرة , والله الموعد , وحسبنا الله تبارك وتعالى في كل من تكلم في كتاب ربنا ومولانا جل جلاله وتباركت أسمائه  بغير حلم ولا علم وادعى ما ليس عليه دليل , وما أنزل الله تبارك وتعالى من سلطان  , والله الموعد . .. هذا الرسم هو خصوصية وتفرد وتميز للقرآن الكريم رسماً كما هو كذلك معناً وحكمةً وعلماً وتبياناَ لكل شيء ,وحرف الألف الحنجرية له خصوصية في الرسم القرآني , لا نستطيع أن نحيط بها علماً , كما هو شأن القرآن الكريم كله ,  لا نستطيع أن نحيط به علماً لأنه كلام الله تبارك وتعالى , ومن آثار صفاته وأسمائه الحسنى , جل جلاله وتباركت أسمائه , ولكننا نتكلم في ذلك في حدود إدراكنا ,وما يفتح به مولانا الحق جل جلاله وتباركت أسمائه علينا من الفتوح والبركات .

ماذا يعني قوله تعالى "مالك يوم الدين "؟

من المعلوم قطعاً أن الملك لله تبارك وتعالى في الدنيا والآخرة فهو جل جلاله وتباركت أسمائه الخالق وحده لكل شيء , والمالك وحده لكل شيء , إذاً ما الحكمة من تخصيص يوم الدين بالملكية لله تبارك وتعالى , " مالك يوم الدين " ؟! والله تبارك وتعالى له ملك الدنيا والآخرة  , نقول وبالله التوفيق وعليه التكلان , هذا الرسم لكلمة "مالك" وتخصيص الملكية بيوم الدين في الآية الكريمة كلاهما يشير إلى إختلاف حاصل في الملكية يوم الدين عن الملكية لله تبارك وتعالى في الدنيا , "مالك يوم الدين " بهذا الرسم لمالك والتخصيص تعني الملكية الكاملة المطلقة التي لم تدع من الملكية شيئاً لأحد ولو مثقال ذرة ولا مشيئة لأحد ولا تصرف , ولا حتى أن يحرك شفتيه بكلمة إلا بإذنه جل جلاله وتباركت أسمائه . .. في الحياة الدنيا كانت السموات والأرض مسخرة للإنسان بأسبابها , بحكم الإختبار الذي خلق من أجله الإنسان وهذه الساحة الكونية للإختبار  الأرض وسقفها وما بينهما , كل ذلك كان مسخراً مذللاً للإنسان بحكم الإختبار وبحكم الخلافة الذي منحه الله تبارك وتعالى لهذا الإنسان , وهداه النجدين إما شاكراً وإما كافوراً , فالإنسان كانت له في الحياة الدنيا ملكية خاصة للأسباب , وما ينتج عنها من ملكية لأعراض ومتاع وزينة , فهذا يقول مالي , وآخر يقول أرضي , وذاك يقوم بيتي ومتاعي , وهكذا كانت الأعراض والمتاع الدنيوي يُنسب إليه , وكثير منهم مساكين ينسى أنه معدوم في صورة  الموجود , وفقير في صورة  الغني , ومملوك في صورة مالك, لأن الحياة الدنيا كلها أعراض ومتاع , وأسماء وصور , ولعب ولهو ,  وليست جواهر وحقائق , أما من ناحية الحق والباطل , فإن الحق فيما جاءت به رسل الله تبارك وتعالى وأنبيائه حصراً وقصراً , وكل ما سواه إما فضل علم من ظاهر الحياة الدنيا , وإما باطلٌ صرف , والدنيا زائلة فانية بانتهاء وقت الامتحان, وتذهب معها هذه الأرض وهذه السموات التي كانت مسخرة للإنسان بأسبابها , ويُنشئ الله تبارك وتعالى كوناً جديداً بموصفات آخرى ونواميس قابلة للخلود ومعدة لذلك , وليس للإختبار كما كان الحال في الحياة الدنيا , فيوم الدين لا أسباب مسخرة لأحد , ولا مشيئة لأحد , ولا تصرف من أي نوع إلا بإذن الله تبارك وتعالى , حتى يفرغ الناس من الحساب , فريق في الجنة لهم ملكية كاملة على ما فيها , تسخير كامل و غير محدود  ـ كما كان التسخير في الدنيا ـ , والأسباب فيها كاملة ً تامة غير منقوصة ومبتورة ـ كما كان الأمر في الحياة الدنيا  ـ, ففي الدنيا كانت مشيئتهم غير مطلقة والأسباب كذلك غير مطلقة " وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين "  أما في الجنة " لهم فيها ما يشاءون خالدين ..." الآية  , أما النار وأهلها ـ نسأل الله تبارك وتعالى العفو والعافية ـ فعكس ذلك تماما ً فلا مشيئة فيها لأهلها ولا أسباب مسخرة لهم البتة , ولا يقدرون على فعل أي شيء , وليس لهم إلا إرادة خاوية ليس لها أي سبب , وأماني ذاهبة عنهم بعد فترة من العذاب !   

إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ 5
قال الشيخ الشنقيطي " أَشَارَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ إِلَى تَحْقِيقِ مَعْنَى لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ; لِأَنَّ مَعْنَاهَا مُرَكَّبٌ مِنْ أَمْرَيْنِ: نَفْيٌ وَإِثْبَاتٌ. فَالنَّفْيُ: خَلْعُ جَمِيعِ الْمَعْبُودَاتِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ. ( الكفر بالطاغوت )
وَالْإِثْبَاتُ: إِفْرَادُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَحْدَهُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ.
وَقَدْ أَشَارَ إِلَى النَّفْيِ مِنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ بِتَقْدِيمِ الْمَعْمُولِ الَّذِي هُوَ (إِيَّاكَ) وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ فِي مَبْحَثِ دَلِيلِ الْخِطَابِ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ. وَفِي الْمَعَانِي فِي مَبْحَثِ الْقَصْرِ: أَنَّ تَقْدِيمَ الْمَعْمُولِ مِنْ صِيَغِ الْحَصْرِ. وَأَشَارَ إِلَى الْإِثْبَاتِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ: (نَعْبُدُ) .
وَقَدْ بَيَّنَ مَعْنَاهَا الْمُشَارَ إِلَيْهِ هُنَا مُفَصَّلًا فِي آيَاتٍ أُخَرَ كَقَوْلِهِ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ) الْآيَةَ [2 \ 21] ، فَصَرَّحَ بِالْإِثْبَاتِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ: (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) ، وَصَرَّحَ بِالنَّفْيِ مِنْهَا فِي آخِرِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ بِقَوْلِهِ: (فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [2 \ 22] ، وَكَقَوْلِهِ: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) فَصَرَّحَ بِالْإِثْبَاتِ بِقَوْلِهِ: (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ) وَبِالنَّفْيِ بِقَوْلِهِ: (وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) ، وَكَقَوْلِهِ: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) [2 \ 256] فَصَرَّحَ بِالنَّفْيِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ) ، وَبِالْإِثْبَاتِ بِقَوْلِهِ: (وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ) ، وَكَقَوْلِهِ: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) [43 \ 26، 27] ، وَكَقَوْلِهِ: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) [21 \ 25] وَقَوْلِهِ: (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) [43 \ 45] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ " اه  أضواء البيان
**إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ "  صيغة الجمع الواردة في الآية الكريمة مع تقديم المفعول إشارة إلى أن العابدون لله والمستعينون به تعالى كثيرون ... ولكنهم يشركون معه تعالى غيره  ولكن المخلصون في كل حياتهم لله تعالى قليلون  بين مجموع الناس الذين يعبدون الله تعالى ولكن  ليسوا على نهج وهدى الموحدين الذين انعم الله عليهم 
ونسق الآية الكريمة ب "إياك " مع التكرار يفيد الحصر المطلق للمعنى ونفي ما سواه , كما يحمل نبرة التحذير , وإيحاءات التهديد والوعيد إذا تم التفريط في الأمر , وهو أيضاً أمر بهذا المعنى الذي تحمله الآية الكريمة في نسق إعتقاد وإقرار وتأكيد على لسان المؤمنين بالله تعالى.
نسق الآية الكريمة لم يتكرر في القرآن الكريم , والآية الكريمة تحمل أمرا ً بتحقيق وإيقاع العبادة بشمولها لله تبارك وتعالى وحده, ونفيها عمن سواه , والكفر بما يعبد من دونه , لكن الأمر يأتي على لسان المؤمنين قبولاً لهذا الأمر والتسليم له , وتأكيداً لمعتقدهم , وتخصيصهم العبادة بالله وحده , وبراءتهم مما سواه عبادة ً ومعبودا ً وعابد ٌ , والأمر بذلك والدعوة إليه , وإعلان بانتسابهم  وانتمائهم لجماعة المؤمنين بهذا المعتقد في السابقين واللاحقين , وكذلك نفس المعنى في "إياك نستعين "  لأن الحصر والتخصيص في العبادة واضح جداً , فمن صرف شعرة من العبادة لغير الله تبارك وتعالى فهو مشرك , أما الاستعانة فإنها تجوز للأحياء فيما يقدرون عليه , والقرآن الكريم  يقرر ذلك في قوله تعالى على لسان ذي القرنين " قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيۡرٞ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجۡعَلۡ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُمۡ رَدۡمًا ٩٥" سورة الكهف
        
ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ ٧ 
الله تبارك وتعالى يأمرنا على لسان المؤمنين أن نسأله وندعوه أن يهدينا الصراطً المستقيم , ويأتي الصراط في الآية الكريمة معرفاً فهو غير نكرة أو مجهول  وهذا دليل على أنه صراط مخصوص وطريق واحد لا يتعدد , والطرق غيره كثيرة , ومنهج معروف وموصوف , وعدم وجود حرف " إلى " يدل على أنه قريبٌ منهم غير بعيد , والصراط هو المنهج المنزل من السماء على الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلم , وهو نفس المنهج والطريق الذى كان عليه الرسل وأتباعهم من قبل , وهذا المنهج والصراط لن يكون مستقيماً حتى نتبرأ من كل ما سواه من المناهج والطرق المعوجة والتصورات والقيم التي لم تأتينا من الله تبارك وتعالى من خلال الرسل الكرام , ولأن صراط الله تبارك وتعالى مستقيما ً لابد أن نشهد على كل الطرق والمناهج الأخرى أنها باطلة  , ولابد أن نشهد على كل من دان بغير هذا المنهج السماوي إعتقاداً وعملاً وسلوكاً , أنه من الضالين ومن المغضوب عليهم من رب العالمين تبارك وتعالى
وفى نفس الوقت فإن صيغة الجمع إشارة إلى أن الموحدون لله تعالى وإن كانوا غرباء بين الناس في أزمنتهم وأعصارهم  إلا أنهم خلف لسلف صالح على نفس طريقتهم وهديهم وتوحيدهم  , فهم رغم غربتهم فهم آنسون ومرتبطون بهؤلاء الذين انعم الله تعالى عليهم من قبل ارتباط العضو الواحد بسائر أعضاء الجسد   , لذا جاءت الآية الكريمة تصفهم كجسد واحد يتكلم بلسان واحد ويتجهون في كل أمور حياتهم إلى إله واحد  , والله تعالى يعاملهم رغم تفرقهم في الأزمنة والأمكنة عبر التاريخ المديد معاملة الجماعة الواحدة المتماسكة  كأنهم إجتمعوا على قلب رجل واحد , فالله تعالى يجمعهم في الوصف والخطاب والعمل والجزاء والمصير كأمة واحدة اختصت - من بين العابدين على مر العصور- بالتوحيد الخالص لله تعالى في كل شؤنهم الظاهرة والباطنة .

الأربعاء، 25 نوفمبر 2020

ما الذي يستفيده الشيطان الرجيم من ذنوب بني آدم؟

 


هل الإستعاذة عند قراءة القرآن الكريم واجبة؟




 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

قال الله تبارك وتعالى في سورة الإسراء " فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَٰنِ الرَّجِيمِ " 98 , فتحكيماً لهذه الآية الكريمة إذاً الإستعاذة عند قراءة القرآن الكريم واجبة , فليس في القرآن الكريم أمر على سبيل الندب والاستحباب ,وكلمة الشيطان في الرسم القرآني مختلفة عن الرسم الإملائي الحديث , والقرآن الكريم  يعلو ولا يُعلى عليه , فلا ينبغي أن نرفع رسمنا وطريقة إملائنا فوق رسم القرآن الكريم وإملائه , فهذا لا يجوز البتة وهو من التقدم بين يدي الله تبارك وتعالى ورسوله الذي بلغنا القرآن الكريم لفظاً ورسماً , ولم يقصر في ذلك, والقرآن الكريم  يحكم ويهيمن ويعلو ويملئ الوجود حكمة ورحمة وعلماً بكلماته وألفاظه ورسمه وطريقته وهدية وسمته ظاهراً وباطناً , هو معجز من كافة نواحيه وسماته, كافٍ لكل المؤمنين به يغنيهم عما سواه, شافٍ لهم من أمراض القلب وعلل النفس , والجسد تابع لهما صحيح بصحتهما , مريض بمرضهما , وموضوع الرسم القرآني له موضع غير هذا نفصل فيه الحديث إن شاء الله تبارك وتعالى .



ما الذي يستفيده الشيطان الرجيم من ذنوب بني آدم؟


أقول مستعيناً بالله تعالى وهو حسبي ونعم الوكيل , لا شك أن الأمر بالإستعاذة من الشيطان الرجيم له حكمة عظيمة, لا يمكننا الإحاطة بها كاملة ً ولكننا ينبغي أن نتدبر آيات القرآن الكريم ونحاول فهم بعض الحكمة والمعاني التي تحملها الآيات القرآنية  

فالشيطان الرجيم  يحاول دائماً إبعادنا عن صراط الله تبارك وتعالى المستقيم ,ليأخذنا في مسالكه وسبله المزينة والزائفة , وينصب شباكه لنا في كل سبيل لله تبارك وتعالى نسلكه , ثم يمضي لفنٍ آخر من فنون التزيين والفتنة بشباك آخرى , ثم يعود لشباكه الأولى لينظر من سقط فيها ومن نجى , إن الشيطان يعمل بلا كلل في الصد عن سبيل الله تبارك وتعالى بكل طاقته وإمكاناته , فالصيد وفير , والإنتصار في ميدان الغواية يثيره ويرفع من طاقته وقدراته , وكلما زاد صيده ورأى نتيجة عمله في كثرة الغاوين , وإنضمام أكثر الناس إلى حزبه وإستحقاقهم الرتب والنياشين , لأنهم من جنوده المخلصين , كلما رأى ذلك زاد شيطنة وازداد غروراً وطغياناً وقهراً لعابديه من الجن والإنس , أليس هو مخلوق من نار السموم ؟, إنه يحترق وينزف ناريته وسامومه , مما يعنى إنه سيبرد ولو بعد حين , ـ  لو أنه توقف عن الغواية , والصد عن سبيل الله تبارك وتعالى , أليس قد أبعده الله تبارك وتعالى وطرده من رحمته ووكله لنفسه وطبيعته النارية السمومية , فقد أصبح مسجوناً في هذه الطبيعة لا انفكاك منها , وهو قبل خطيئته العظمى لم يكن كذلك ,,, بل كان حراً طليقاً طائعاً لله تبارك وتعالى ولم يعصه من قبل , أما وقد تجرأ وتمرد على رب العالمين تبارك وتعالى فتم طرده من رحمة الله تبارك وتعالى والتي كانت تحتوي طبيعته تلك وتمنحه أسباب النجاة من طبيعته الطائشة , لذلك فإن الطرد والإبعاد جعله سجيناً لطبيعته المحترقة النازفة للطاقة , وعلى الرغم من أن اللعين أخذ لنفسه من رب العالمين تبارك وتعالى وعداً بالإنظار إلى يوم الدين , فهو محصن من الموت في الحياة الدنيا , ولكن لأنه أصبح سجيناً في طبيعته " نار السموم " فهو لا يهدأ عن الحركة لا يستطيع إيقافها ولا يكف عن الإحتراق ونزيف الطاقة تبعاً لذلك , فهو سجينً في هذه الطبيعة الهوجاء الغاوية , لا يملك إيقافها ولا يستطيع التخلص من مقتضاها , وعدم الحركة معناه البرودة , وهى مؤلمة ً له جداً , فهو دائماً يحتاج للإحتراق لينتج الطاقة التي تزيد من قدراته وترفع من كفاءة أعماله الغوية وشباكه  المنتصبة في كل سبيل لله تبارك وتعالى .

والشرك بالله جل جلاله وتباركت أسمائه والظلم والذنوب كلها هي المادة المظلمة الخبيثة التي يستمد منها الشيطان اللعين طاقة الحركة والإحتراق , فهو لا ينفك عن الأمر والدعوة للعصيان والتمرد على الله تبارك وتعالى , لتكثر الفواحش والموبقات والمظالم والشرك والكفر ليزداد طاقة من آثار هذه المعاصي فيزداد احتراقه فيزداد حركة وضلالاً وغياً , ويبتعد عن شبح البرودة  التي تؤلمه ألم الموت . فاللعين يحتاج للطاقة المتجددة  كما نحتاج نحن الطعام والشراب بشكل متجدد ومستمر لا غنى عنه , فهو لا يأكل ولا يشرب مثلنا , ولكن فقدان النارية المتأججة والسمومية , تعنى فقدانه للطاقة الشيطانية 

ونحن في طبيعتنا البشرية الضعيفة لا طاقة لنا بطبيعة الشيطان الرجيم , فهو يرانا ونحن لا نراه وهذه كافية في زوال الندية والهزيمة قبل أتبدأ الجولة وهو متحرك دائماَ داخل طبيعة تأبى السكون والبرودة , مندفع بقوة الإحتراق دوماً عكس إتجاه الإيمان والتقوى والدين والفضيلة في كافة التفاصيل والكليات , كما أن لدية من الخطط والوسائل والإستراجيات والتكتيكات ما يتناسب مع الزمان والمكان والصيد المطلوب , والهدف المستحق منهم  كل ذلك يجعلنا أمام عدوٍ ظلوم غاشم لا سبيل للرحمة والشفقة إلى قلبه أبداً , ولو أمكن منه الشفقة أو الرحمة لبني آدم لاتجهت طاقته الشيطانية للإفول , والبرودة , وهذا مؤلم له غاية الألم كأنه الموت كما سبق ذكره , ولذلك لا سبيل أبداً لزوال عداوته وشيطانيته , فهو مسجونٌ فيها وتملكه ,  ولذلك أمرنا ربنا جل جلاله وتباركت أسمائه بالإستعاذه منه دوماً , فنحن نستعيذ بالله تعالى وقدرته وقوته وسلطان كلماته التامة من هذا اللعين , ثم نتوكل على الله تبارك وتعالى في أمورنا , ومداومة الذكر والتذكر والتدبر في آيات الله تبارك وتعالى , وهذا حصننا وملاذنا وعصمتنا من هذا العدو الخبيث , ونحن عندما نفعل ذلك فإننا نطفئ ناره ويخبو سمومه , كأننا نقذفه بشلال من ماء بارد , والبرودة تؤلمه ألم الموت , فعندئذ فقط ينهزم عدو الله تبارك وتعالى ويولي الدبر , لا يلوي على شيء , وعندئذ فقط سنشعر بالسكينة والطمأنينة ـ والتي نفقدها عند غفلتنا عن ذكر الله تبارك وتعالى وبالتالي يحضرنا الشيطان بناره وسمومه وإحتراقه ـ وعندئذ فقط سنشعر بحلاوة المناجاة والصلاة بين يدي الله تبارك وتعالى ونسمع آيات الله تبارك وتعالى كأننا نسمعها لأول مرة , ولذلك لما غفل اكثر الناس عن ذكر الله تبارك وتعالى وأعرضوا عن كتابه وهديه شرعه المنزل ـ تلاوة وتحكيماً وإتباعاًـ استخفهم واستزلهم الشيطان وحضرهم ـ وحضور الشيطان مؤلم جداً للروح والنفس ـ فإذا حضرهم الشيطان ذهبت السكينة وولت الطمأنينة وحلت أضدادها ونقيضها في ساحة النفس والروح مما يسبب الألم النفسي والضنك , وضيق الصدر وحرجه, ونزيف روحي يوازي نزيف الطاقة عند الشيطان الرجيم لو سكنت حركته عن الغواية , وهذا الأثر لحضور الشيطان الرجيم لا انفكاك منه فهو لازم , ومترتب على الطبيعة المختلفة لكل من الشيطان والإنسان , قال الله تبارك وتعالى في سورة المؤمنون" وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنۡ هَمَزَٰتِ ٱلشَّيَٰطِينِ ٩٧ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحۡضُرُونِ ٩٨  "  ولكن المؤمنين الخالصين من عباد الله تبارك وتعالى إذا حضرهم الشيطان ومسهم لفح ناره وسمومه هبوا مسرعين لذكر الله تبارك وتعالى وإعادة تحديث ذاكرتهم بعداوة هذا اللعين , فإذا هم مستبصرون بفضل الله تبارك وتعالى وأغلقوا أبواب حصونهم التي كانت مواربة وهم عنها غافلون , قال الله تبارك وتعالى في سورة الإعراف " وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ نَزۡغٞ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ٢٠٠ إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ إِذَا مَسَّهُمۡ طَٰٓئِفٞ مِّنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبۡصِرُونَ  "٢٠١

وأما السواد الأعظم من الناس ـ ويا حسرةً على العباد ـ فلا أبواب ولا حصون ! والشياطين ترتع في ساحتهم , ويحضرونهم في كل شؤنهم وأحوالهم , مما يجعل آلامهم وبؤسهم وضنكهم يشتد , ونزيفهم الروحي مستمر , 

ولا يستبصرون ولا يتذكرون, نسوا الله تبارك وتعالى فنسيهم ووكلهم لأنفسهم ولطبيعتهم , قال الله تبارك وتعالى عن هؤلاء وسماهم بإخوان الشياطين  في سورة الإعراف " وَإِخۡوَٰنُهُمۡ يَمُدُّونَهُمۡ فِي ٱلۡغَيِّ ثُمَّ لَا يُقۡصِرُونَ " ٢٠٢ وبدلاً من أن يستغيثوا بالله ويتوبوا إليه فيكفيهم ويشفيهم ويجدد لهم مدد روحي , ويا ليتهم فعلوا لأفلحوا ونجوا من خزي الدنيا وضنكها وعذاب الأخرة  ولكنهم إزدادوا غياً إلى غيهم , وبعداً على بعدهم , فتهالكوا على الخمر والزنا وإطلاق العنان لشهواتهم لإماتة حواسهم لتسكن الآمهم , وهم في هذا الحال أبداً كالمستجير من الرمضاء بالنار ! حتى نفذ رصيدهم الروحي فماتت قلوبهم , وانطفئت كل مصابيحهم , فهم في ظلمات لا يبصرون , صم بكم عمى فهم لا يرجعون , وهم أضل سبيلاً من الأنعام , والله تعالى يحي من يشاء منهم بفضله ورحمته , والله ذو الفضل العظيم . 

بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ١ 

بعد إبعاد الشيطان الرجيم وطرده من جوارنا ونفيه خارج حدود نورنا المنبثق من إيماننا بالله تعالى وأعمالنا الصالحة , تأتي التحلية بعد التخلية , فنبدأ باسم الله تبارك وتعالى الذي هو أعظم الأسماء , الذي تحل به البركات , وصيّب الرحمات , وتُسكب من ذكره العبرات, ونعيم الدنيا والآخرة  في ذكره والثناء عليه قولاً وعملاً واعتقاداً , والرحمانية من أعظم الأسماء وأخصها بالله جل جلاله وتباركت أسمائه , فلا يتسمى به غيره , وهو من أوسع الأسماء الحسنى معنىً وآثاراً في الخلق , ولذلك وصف الله تبارك وتعالى الإستواء على أعظم مخلوقاته , بأعظم أسمائه وصفاته  , قال تعالى في سورة طه " ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ ٥ " والرحيم أخص أثراً في الخلق ومعناً , فالرحمانية تشمل كل المخلوقات والممكنات خلقاً وإعداداً وإمداداً ورعايةً وإحاطة وهى أكثر تعلقاً بالربوبية الشاملة المحيطة بكل المخلوقات والممكنات , أما الرحيم فهي أخص وتعلقها بإلاهية اكثر , وتعلقها بالمؤمنين المخلصين أكثر من غيرهم وأخص , قال تعالى : " هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيۡكُمۡ وَمَلَٰٓئِكَتُهُۥ لِيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ  وَكَانَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَحِيمٗا ٤٣ " الأحزاب


جامع ‏فى إعجاز القرآن وإقامة الدليل على أنه من عند الله عز وجل





 ويدل على ذاك عشرة أوجه:           

الأوّل: فصاحته التي امتاز بها عن كلام المخلوقين.  

الثاني: نظمه العجيب وأسلوبه الفريد من قواطع ‏آياته وفواصل كلماته.  

الثالث: عجز المخلوقين في زمان نزوله وبعد ذلك إلى الآن عن الإتيان بمثله. 

الرابع: ما أخبر فيه من أخبار الأمم السالفة والقرون الماضية ولم يكن النبي صلّى الله عليه وسلّم تعلم ‏ذلك ولا قرأه في كتاب.  

الخامس: ما أخبر فيه من الغيوب المستقبلة فوقعت على حسب ما قال.

‏ السادس: ما فيه من التعريف بالباري جل جلاله. وذكر صفاته وأسمائه، وما يجوز عليه. وما يستحيل ‏عليه، ودعوة الخلق إلى عبادته وتوحيده، وإقامة البراهين القاطعة، والحجج الواضحة، والردّ على ‏أصناف الكفار، وذلك كله يعلم بالضرورة أنه لا يصل إليه بشر من تلقاء نفسه، بل بوحي من العليم ‏الخبير، ولا يشك عاقل في صدق ذلك من عرف الله تلك المعرفة وعظم جلاله ذلك التعظيم ودعا عباد ‏الله إلى صراطه المستقيم.

السابع: ما شرع فيه من الأحكام وبين من الحلال والحرام، وهدى إليه من مصالح الدنيا والآخرة، ‏وأرشد إليه من مكارم الأخلاق، وذلك غاية الحكمة وثمرة العلوم.

الثامن: كونه محفوظا عن الزيادة والنقصان، محروسا عن التغيير والتبديل على طول الزمان، بخلاف سائر الكتب.

التاسع: تيسيره للحفظ وذلك معلوم بالمعاينة. 

 العاشر: كونه لا يمله قارئه ولا سامعه على كثرة الترديد، ‏بخلاف سائر الكلام. 

فإن قيل: ما الحكمة في تكرار قصص الأنبياء في القرآن؟ 

فالجواب من ثلاثة أوجه : ‏الأوّل: أنه ربما ذكر في سورة من أخبار الأنبياء ما لم يذكره في سورة أخرى، ففي كل واحدة منهما ‏فائدة زائدة على الأخرى

 الثاني: أنه ذكرت أخبار الأنبياء في مواضع على طريق الإطناب. وفي مواضع ‏على طريق الإيجاز، لتظهر فصاحة القرآن في الطريقتين. 

الثالث: أن أخبار الأنبياء قصد بذكرها مقاصد ‏فتعدّد ذكرها بتعدّد تلك المقاصد، فمن المقاصد بها إثبات نبوة الأنبياء المتقدّمين بذكر ما جرى على ‏أيديهم من المعجزات، وذكر إهلاك من كذّبهم بأنواع من المهالك.‏

‏ ومنها إثبات النبوة لمحمد صلّى الله عليه وسلّم لإخباره بتلك الأخبار من غير تعلم من أحد. وإلى ذلك ‏الإشارة بقوله تعالى: ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا [هود: 49] ومنها إثبات الوحدانية. ‏ألا ترى أنه لما ذكر إهلاك الأمم الكافرة قال: فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ‏‏[هود: 101] ومنها الاعتبار في قدرة الله وشدّة عقابه لمن كفر  ومنها تسلية النبي صلّى الله عليه ‏وسلّم عن تكذيب قومه له بالتأسي بمن تقدّم من الأنبياء: كقوله: وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ [الأنعام: ‏‏34] ومنها تسليته عليه السلام ووعده بالنصر كما نصر الأنبياء الذين من قبله. ومنها تخويف الكفار بأن ‏يعاقبوا كما عوقب الكفار الذين من قبلهم، إلى غير ذلك مما احتوت عليه أخبار الأنبياء من العجائب ‏والمواعظ واحتجاج الأنبياء. وردّهم على الكفار وغير ذلك. فلما كانت أخبار الأنبياء تفيد فوائد كثيرة: ‏ذكرت في مواضع كثيرة. ولكل مقام مقال.  تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل

قَالَ الْأَعْمَشُ أَيْضً عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا إِذَا تَعَلَّمَ عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يُجَاوِزْهُنَّ ‏حَتَّى يَعْرِفَ مَعَانِيَهُنَّ وَالْعَمَلَ بِهِنَّ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: حَدَّثَنَا الَّذِينَ كَانُوا يُقْرِئُونَنَا أَنَّهُمْ كَانُوا ‏يَسْتَقْرِئُونَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانُوا إِذَا تَعَلَّمُوا عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يَخْلُفُوهَا حَتَّى يَعْمَلُوا بِمَا فِيهَا ‏مِنَ الْعَمَلِ فَتَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ وَالْعَمَلَ جَمِيعًا.‏

سُفْيَانُ عَنْ أبي الزناد قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: التَّفْسِيرُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: وَجْهٌ تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِنْ كَلَامِهَا، ‏وَتَفْسِيرٌ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِجَهَالَتِهِ، وَتَفْسِيرٌ يَعْلَمُهُ الْعُلَمَاءُ، وتفسير لا يعلمه أحد إِلَّا اللَّهُ.  الدر المنثور فى ‏التفسير الممأثور

فهذا صنيع القرآن بأهله فكيف يكون صنيعه بمن غاص في أعماق بحار التفسير لاستخراج جواهر المعاني ‏من صدف المباني التي أودعها الله تعالى في كتابه العزيز الذي هو منتهى الحكمة البالغة ولا يفنى ولا ‏ينفد ولا تنقضي عجائبه ، فقد حوى من المعاني الأنيقة والحكم الرشيقة ما بهر القلوب عجبا ، وتأمل ـ ‏أشرق الله قلبي وقلبك بأنوار اليقين وجعلني وإياك من أوليائه المتقين ـ في قوله تعالى (ولو أن ما فى ‏الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله) [لقمان /27] كيف ‏استغنى القرآن العظيم في الآية الكريمة عن ذكر المداد بقوله (يمده) فجعل البحر المحيط بمنزلة الدواة ، ‏والأبحر السبعة مملوءة مدادا أبدا صبا لا ينقطع ، ونظيره قوله تعالى (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ‏ربى لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا) [الكهف /109] ثم تدبر كيف قال (من ‏شجرة أقلام) ولم يقل من شجر ، يتجلى لك أنه أراد تفصيل الشجر وتقصيها شجرة شجرة حتى لا يبقى ‏من جنس الشجر شجرة إلا وقد بريت أقلاما ، ثم انظر كيف قال : ( ما نفدت كلمات الله) [جمع ‏قلة]ولم يقل : كلام الله [جمع كثرة]يتبين لك أن جمع القلة أبلغ في المقصود ؛ لأن جمع القلة إذا لم يغن ‏بتلك الأقلام وذلك المداد ، فكيف يغنى جمع الكثرة   .أه   جامع لطائف التفسير

إن العلوم وإن تباينت أصولها ، وغربت وشرقت فصولها ، واختلفت أحوالها ، واهتمت وأنجدت ‏أقوالها ، وتنوعت أبوابها وشأمت وأرعقت أصوابها وتغايرت مسائلها وأيمنت وأيسرت وسائلها فهي ‏بأسرها مهمة ، ومعرفتها على العلات نعمة إلا أن أعلاها قدراً وأغلاها مهراً وأسناها مبني وأسماها معنى ‏وأدقها فكراً وأرقها سراً وأعرقها نسباً وأعرفها أبا وأقومها قيلا وأقواها قبيلا وأحلاها لساناً وأجلاها ‏بياناً وأوضحها سبيلاً وأصحها دليلا وأفصحها نطقاً وأمنحها رفقاً العلوم الدينية والفهوم اللدنية  فهي شمس ‏ضحاها وبدر دجاها وخال وجنتها ولعس شفتها ودعج عيونها وغنج جفونها وحبب رضاها وتنهد كعباها ‏ورقة كلامها ولين قوامها ‏

على نفسه فليبك من ضاع عمره وليس له منها نصيب ولا سهم فلا ينبغي لعاقل أن يستغرق النهار ‏والليل إلا في غوص بحارها ولا يستنهض الرجل والخيل إلا في سبر أغوارها ولا يصرف نفائس الأنفاس ‏إلا في مهور أبكارها ولا ينفق بدر الأعمار إلا لتشوق بدر أسرارها إذا كان هذا الدمع يجري صبابة على ‏غير مسمي فهو دمع مضيع ،

‏ وإن من ذلك علم التفسير الباحث عما أراده الله - سبحانه وتعالى - بكلامه المجيد الذي لا يأتيه ‏الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد فهو الحبل المتين والعروة الوثقي والصراط ‏المستقيم والوزر الأقوى والأوقي  " جامع لطائف التفسير



ما هو التفسير , وما هو التأويل والفرق بينهما ؟




فأما التفسير فأصله في اللغة من الفسر، وهو كشف ما غطى، وهو بيان المعاني المعقولة فكل ما يعرف ‏به الشيء ومعناه فهو تفسير. وقد يقال فيما يختص بمفردات الألفاظ وغريبها تفسير. وقيل هو من التفسرة ‏وهو الدليل الذي ينظر فيه الطبيب فيكشف عن علة المريض فكذلك المفسر يكشف عن معنى الآية ‏وشأنها وقصتها.‏

وأما التأويل فاشتقاقه من الأول وهو الرجوع إلى الأصل يقال أولته فأول أي صرفته فانصرف، وهو ‏رد الشيء إلى الغاية والمراد منه ببيان غايته المقصودة منه فالتأويل بيان المعاني والوجوه المستنبطة ‏الموافقة للفظ الآية. 

قلت ( خالد ) : التفسير هو معرفة وفهم ظاهر النص  , أما التأويل فهو الغوص في أعماق النص ‏لاستخراج كنوزه المكنونة من المعاني والأدلة والعلوم والتبيان الشامل لكل شيء . 

فالقرآن الكريم كله ‏مفسر  ليس فيه طلاسم وليس فيه كلام غير مفهوم . أما التأويل فهو البحر الذى لا ساحل له ولا قعر ‏ولا يدركه ولا يحيط به احدا إلا الله تعالى  .

 ولكن كل على قدر مؤنته وإقباله على كتاب الله تعالى ‏وإخلاصه وتجرده من حظوظ النفس وهواها  فيفتح الله تعالى له من ذلك بقدره بحكمته تعالى وعلمه ‏المحيط بكل شيء .

‏قال بن كثير :  فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَمَا أَحْسَنُ طُرُقِ التَّفْسِيرِ؟ فَالْجَوَابُ إِنَّ أَصَحَّ الطُّرُقِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُفَسَّرَ ‏الْقُرْآنُ بِالْقُرْآنِ فَمَا أجمل في مكان فإنه قد بسط فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَإِنْ أَعْيَاكَ ذَلِكَ فَعَلَيْكَ بِالسُّنَّةِ فَإِنَّهَا ‏شَارِحَةٌ لِلْقُرْآنِ وَمُوَضِّحَةٌ لَهُ وَالْغَرَضُ أَنَّكَ تَطْلُبُ تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ فَمِنَ السُّنَّةِ ‏


الثلاثاء، 24 نوفمبر 2020

القرآن بحر متلاطم ‏الأمواج لا قعر له ولا ساحل ، تذهب فيه حيلة السابح

كلمات واحاديث عن القرآن الكريم




قال الشيخ الزركشي :  أما بعد فإن أولى ما أعملت فيه القرائح ، وعلقت به الأفكار واللواقح : الفحص عن أسرار التنزيل ، ‏والكشف عن حقائق التأويل الذي تقوم به المعالم ، وتثبت الدعائم. فهو العصمة الواقية ، والنعمة ‏الباقية والحجة البالغة ، والدلالة الدامغة ،  وشفاء الصدور ، والحكم العادل عن مشتبهات الأمور ‏والكلام الجزل وهو الفصل الذي ليس بالهزل ، سراج لا يخبو ضياؤه ، وشهاب لا يخمد نوره وسناؤه ‏وبحر لا يدرك غوره ، بهرت بلاغته العقول ، وظهرت فصاحته على كل مقول ، وتظاهر إيجازه وإعجازه ‏، وتظاهرت حقيقته ومجازه ، وتقارن في الحسن مطالعه ومقاطعه ، وحوت كل البيان جوامعه وبدائعه ‏، قد أحكم الحكيم صيغته ومبناه ، وقسم لفظه ومعناه ، إلى ما ينشط السامع ويقرط المسامع من ‏تجنيس أنيس وتطبيق لبيق ، وتشبيه نبيه وتقسيم وسيم ، وتفصيل أصيل ، وتبليغ بليغ ، وتصدير ‏بالحسن جدير ، وترديد ما مزيد ، إلى غير ذلك مما أجري الصياغة البديعة ، والصناعة الرفيعة ، ‏فالآذان بأقراطه حالية ، والأذهان من أسماطه غير خالية ، فهو من تناسب ألفاظه ، وتناسق أغراضه ‏، قلادة ذات اتساق ، ومن تبسم زهره ، وتنسم نشره ، حديقة مبهرة للنفوس والأسماع والأحداق ، ‏كل كلمة منه لها من نفسها طرب ، ومن ذاتها عجب ، ومن طلعتها غرة ، ومن بهجتها درة لاحت عليه ‏بهجة القدرة ، ونزل ممن له الأمر ، فله على كل كلام سلطان وإمرة ، بهر تمكن فواصلة ، وحسن ‏ارتباط أواخره وأوائله ، وبديع إشاراته ، وعجيب انتقالاته ، من قصص باهرة ، إلى مواعظ زاجرة ‏وأمثال سائرة ، ومواقع تعجب واعتبار ، ومواطن تنزيه واستغفار ، وإن كان سياق الكلام ترجيه ‏بسط ، وإن كان تخويفاً قبض ، وإن كان وعداً أبهج ، وإن كان دعوة حدب ، وإن كان  زجرة أرعب ‏وإن كان موعظة أقلق وإن كان ترعيباً شوق.‏

هذا ، وكم فيه من مزايا وفي زواياه خبايا , فسبحان من سلكه ينابيع في القلوب ، صرفه بأبدع معنى وأغرب أسلوب ، لا يستقصي معانيه فهم ‏الخلق فلا يحيط بوصفه على الإطلاق ذو اللسان الطلق....... فالسعيد من صرف همته إليه ووقف ‏فكره وعزمه عليه ، والموفق من وفقه الله لتدبيره واصطفاه للتذكير به وتذكره فهو يرتع من رياض ، ‏ويكرع منه في حياض.‏

أندي على الأكباد من قطر الندي وألذ في الأجفان من سنة الكري يملأ القلوب بشرا ويبعث القرائح ‏عبيراً ونشراً ، ويحيي القلوب بأوراده ولهذا سماه روحاً ، فقال : " يلقي الروح من أمره على من يشاء ‏من عباده " {غافر : 15 ‏

فسماه الله روحاً ، لأنه يؤدي إلى حياة الأبد ولولا الروح لمات الجسد فجعل هذا الروح سبباً للاقتدار ‏وعلماً على الاعتبار يزيد على طول التأمل من بهجة كأن العيون الناظرات صياقل  

القرآن بحر متلاطم ‏الأمواج لا قعر له ولا ساحل ، تذهب فيه حيلة السابح




 لو ذاب أهل السموات وأهل الأرض حين يسمعون كلام الله عز وجل أو ماتوا خمودا أجمعون لكان ‏ذلك حق لهم ولما كان ذلك كثيرا إذ تكلم الله عز وجل به تكليما من نفسه من فوق عرشه من فوق ‏سبع سماواته   فإذا عظم في صدرك تعظيم المتكلم به لم يكن عندك شيء أرفع ولا أشرف ولا أنفع ولا ألذ ‏ولا أحلى من استماع كلام الله جل وعز وفهم معاني قوله تعظيما وحبا له وإجلالا إذ كان تعالى قائله ‏فحب القول على قدر حب قائله أهـ. فهم القرآن  للحارث المحاسبي  

‏ عن زيد بن أرقم قال قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خمّا بين مكة ‏والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: «أما بعد ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن ‏يأتيني رسول ربي فأجيب وإني تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله ‏واستمسكوا به» فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: «وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم ‏الله في أهل بيتي زاد في رواية كتاب الله فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به كان على الهدى ‏ومن أخطأه ضل» 

وفي رواية: كتاب الله هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على ‏ضلالة. 

(م) عن عمر بن الخطاب قال أما إن نبيكم صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن الله تعالى يرفع بهذا ‏الكتاب أقواما ويضع به آخرين» وعن الحارث الأعور قال: مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في ‏الأحاديث فدخلت على عليّ فقلت يا أمير المؤمنين ألا ترى الناس قد خاضوا في الأحاديث قال: أوقد فعلوها قلت نعم قال أما إني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ‏يقول:

" ألا إنها ستكون فتنة فقلت ما المخرج منها يا رسول الله قال: كتاب الله فيه نبأ ما كان قبلكم ‏وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم والفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في ‏غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به ‏الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا تشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه. هو ‏الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به من قال به صدق ‏ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم " خذها إليك يا أعور. ‏أخرجه الترمذي  

(قوله هو الفصل) أي الفاصل بين الحق والباطل ليس بالهزل أي هو جد كله ليس ‏فيه شيء من الهزل، والجبار في صفة الآدمي هو المتسلط العاتي المتكبر على الناس، قصمه الله أي ‏أهلكه.‏

‏(قوله وهو حبل الله المتين) الحبل يرد على وجوه منها العهد ومنها الأمان فإذا اعتصم به الإنسان آواه ‏الله تعالى إلى جواره والذكر الشرف والحكيم المحكم العاري من الاختلاف والاضطراب، والصراط ‏المستقيم الطريق الواضح، ومعنى لا تزيغ به الأهواء أي لا يميل عن الحق، عن ابن عباس رضي الله ‏عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الرجل الذي ليس في جوفه شيء من القرآن ‏كالبيت الخرب» أخرجه الترمذي  عن عثمان عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» (ق) عن عائشة قالت ‏قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتعتع ‏فيه وهو عليه شاق له أجران». (قوله الماهر بالقرآن) يعني الحاذق الكامل الحفظ الجيد التلاوة، وقوله: ‏مع السفرة جمع سافر وهو الرسول من الملائكة سمي بذلك لأنه يسفر برسالات الله إلى أنبيائه وقيل ‏السفرة الكتبة من الملائكة والبررة المطيعون لله تعالى فيما يأمر، به ومعنى كونه من الملائكة أن له ‏منازل في الجنة يكون فيها رفيقا لهم. وقوله:‏يتعتع أي يتردد في تلاوته لضعف حفظه. له أجران: يعني يحصل له أجر بسبب القراءة وأجر بسبب ‏تعبه فيها والمشقة التي تحصل له فيها وليس معناه أن له أجرا أكثر من الماهر، بل الماهر أفضل منه ‏وأكثر أجرا ‏ . 

عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل ‏الأترجة طعمها طيب، وريحها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح ‏لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب ولا طعم لها، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ ‏القرآن، كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها "

عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة ‏والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف» أخرجه الترمذي ‏وقال: حديث حسن صحيح غريب، وقد رفعه بعضهم عن ابن مسعود، ووقفه بعضهم عليه. 

عن ابن ‏عباس قال: قال رجل يا رسول الله أي الأعمال أحب إلى الله تعالى؟ قال «الحالّ المرتحل». قال: وما ‏الحال المرتحل؟ قال: «الذي يضرب من أول القرآن إلى آخره كلما حل ارتحل». أخرجه الترمذي 

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يقال لصاحب القرآن اقرأ ‏وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند الله آخر آية تقرؤها» أخرجه الترمذي وقال: ‏حديث حسن صحيح.  

فالقارئ عند البداية بتلاوة القرآن ينبغي أن يحضر في قلبه عظمة المتكلم ويعلم ‏أن ما يقرأه ليس من كلام البشر وإن في تلاوة كلام الله ـ عز وجل ـ غاية الخطر فإنه تعالى قال [لا ‏يمسه إلا المطهرون] وكما أن ظاهر جلد المصحف وورقه محروس عن ظاهر بشرة اللامس إلا إذا كان ‏متطهرا فباطن معناه أيضا بحكم عزه وجلاله محجوب عن باطن القلب إلا إذا كان متطهرا عن كل رجس ‏ومستنيرا بنور التوحيد و التعظيم والتوقير ، وكما لا يصلح لمس جلد المصحف كل يد فلا يصلح لتلاوة ‏حروفه كل لسان ولا لنيل معانيه كل قلب ، ولمثل هذا التعظيم كان عكرمة بن أبي جهل إذا نشر ‏المصحف غشي عليه ويقول : ‏

هو كلام ربي هو كلام ربي , فتعظيم الكلام تعظيم المتكلم ولن تحضره عظمة المتكلم ما لم يتفكر في ‏صفاته وجلاله وأفعاله فإذا حضر بباله العرش والكرسي والسموات والأرض وما بينهما من الجن والإنس ‏والدواب والأشجار وعلم أن الخالق لجميعها والقادر عليها والرازق لها واحد وأن الكل في قبضة قدرته ‏مترددون بين فضله ورحمته وبين نقمته وسطوته إن أنعم فبفضله وإن عاقب فبعدله وأنه الذي يقول : ‏هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي ، وهؤلاء إلى النار ولا أبالي وهذا غاية العظمة والتعالي فبالتفكر في أمثال ‏هذا يحضر تعظيم المتكلم ثم تعظيم الكلام 


الاثنين، 23 نوفمبر 2020

هل جمع النبي صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم كله في مصحف واحد قبل موته؟

Did the Prophet, may God’s prayers and peace be upon him, combine the entire Qur’an into one Qur’an before his death?

هل جمع النبي صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم كله في مصحف واحد قبل موته؟




ونعتقد أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم  جمع القرآن الكريم في كتاب واحد في آخر حياته صلى الله عليه وسلم  حتى آخر آية نزلت عليه من ربه تعالى , ولم يتوفاه ربه تعالى حتى أدى مهمته على التمام , وتمت رسالته , وأقام الحجة على العالمين , بهذا المنهج القويم الذي جاء به من عند الله تبارك وتعالى , وترك فينا ما لا نضله بعده أبداً , والله تعالى يشير للقرآن الكريم  في آيات كثيرة "بالكتاب " وفي الروايات المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم قوله " تركت فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا بعدي أبداً , كتاب الله تبارك وتعالى "  لذلك لا يمكن أن نصدق هذه الروايات التي تصف القرآن الكريم بعد وفاة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم  , مفرقاً في الصحف والرقاع وسعف النخيل ـ زعموا ـ  والأحجار !!! كيف يمكننا أن نصدق هذه الروايات المحمولة عبر مفاوز وتيه وصحراء التاريخ , ونتأول من أجلها كلام الله تبارك وتعالى , وكلام النبي الكريم صلى الله عليه وسلم , الموافق لكلام الله تبارك وتعالى , وهل معنى الكتاب إلا أن يكون كتاباً مجتمعاً بين دفتين , على هذا النسق والترتيب والهيئة والرسم ؟ 

كيف يلقى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم  ربه ولم يترك لنا الكتاب الذي بعث من أجله وشرف ببلاغه مجتمعاً في وصف كلمة كتاب , كيف يتركه مفرقاً مبعثراً في أحجار تلقى على الأرض !  ورقاع ممزقة  تبلى ! وسعف النخيل الذى تطير به الريح ؟!!! هل هو بهذه الصفة يسمى "كتاباً " ؟!! نترك الإجابة لكل ذي عقل وفهم سديد .



هل ينسخ القرآن الكريم بعضه بعضاً, وهل تنسخه السنة أو الإجماع؟


Does the Noble Qur’an copy one another, and is the Sunnah or consensus abrogating it?







ونؤمن أن القرآن الكريم ليس فيه آية ولا حرفاً منسوخاً , ولا ناسخ لآياته لا من القرآن الكريم نفسه فضلاً عن غيره , فالقران الكريم لا ينسخ بعضه بعضاً, ومن يزعم ذلك فعليه الدليل والبرهان , ولا دليل ولا حجة ولا برهان , إلا من كتاب الله تبارك وتعالى , وما سواه ليس بدليل ... بل يحتاج إلى الدليل ,

أما القول بأن القرآن الكريم تنسخه السنة النبوية , فهو محض افتراء وكذب , والنبي محمدٌ صلى الله عليه وسلم بريء منهم ومن قولهم هذا , وإلا كيف للرسول المكلف بتبليغ الناس كلام رب الناس سبحانه وتعالى , ثم هو ينسخه بكلامه هو ؟!  فإن قلتم ينسخه بوحي من ربه !  قلت سبحان ربي العظيم , المعروف الذي لا خلاف عليه بيننا جميعاً أن ما بين دفتي المصحف الشريف هو كلام ‏ رب العالمين جل جلاله وتباركت أسمائه برسمه وهيئته , وليس للرسول محمدٌ صلى الله عليه وسلم فيه شيء إلا التبليغ والبيان , وأنتم تقولون أن السنة النبوية هي وحيٌ آخر غير القرآن الكريم وموازي له , غير أن معناه من عند الله تبارك وتعالى , ولفظه وصياغته من كلام ‏ الرسول صلى الله عليه وسلم  , ونحن لا نسلم لكم بهذه أبداً ولا نجد له دليلاً صحيحاً , ورغم ذلك سنحاكمكم إلى ما تعتقدون ـ تجاوزاً وليس إقراراً ـ فكيف ينسخ الوحي النبوي الذي هو من صياغة ‏ الرسول صلى الله عليه وسلم  , ما تكلم به رب العالمين جل جلاله وتباركت أسمائه , ونزّله كلمات وألفاظ وصياغة ورسماً تاماً كاملاً من عنده سبحانه وتعالى ؟! وهو الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد , وهو الذي تكفل ‏ رب العالمين جل جلاله وتباركت أسمائه , بحفظه , وتحدى العالمين بأن يأتوا بمثل آية واحدةً منه , هل هذه الخصائص لكلام الله تبارك وتعالى ـ ما ذكرناه آنفاً وما لم نذكره ـ هي نفس خصائص السنة النبوية ـ والتي هي وحي عندكم ـ ؟! والإجابة الوحيد المتاحة لكم هي لا لا ! إذاً كيف تستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ! وكيف تحكّمون الأدنى في الأعلى منه من جميع الجهات والخصائص ؟! وكيف تقضون بهذا الأدنى على الأعلى من جميع الجهات والخصائص ؟! يقوم مالكم ...كيف تحكمون ؟!!! أفلا تذكرون ؟



هل السنة النبوية وحىٌ ثانٍ مع القرآن الكريم ؟

Is the Prophet’s Sunnah a second revelation with the Noble Qur’an



 

أما السنة النبوية فهي ليست وحياً مستقلاً عن القرآن الكريم وموازي له , إنما هي الحكمة التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم وأنزلت عليه, وهى التبيان والتفصيل لمعاني كلمات الله تبارك وتعالى , والمواضع الصحيحة لكلمات الله تبارك وتعالى ,وهى الفرقان الذي يكشف به حقائق الكتاب المنزل , ويكشف للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم ,الأعماق المتعددة لكلمات الله تبارك وتعالى إلى حد معين وليس كلها , فليس لمخلوق كائناً من كان , ولا حتى النبي صلى الله عليه وسلم  نفسه , أن يأتي على آخر كلمات الله تبارك وتعالى عمقاً , أو أن يحيط بها فهماً وإدراكاً , أو أن يبلغ نهاية تأويلها, قال تعالى :" بِالْبَيِّنَٰتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ"44 النحل

أما القول بأن " الإجماع " ـ زعموا ـ ينسخ القرآن الكريم والسنة النبوية , فهذه والله العظيم قاصمة الظهر , وفجيعة الزمان , وعار الدهر كله ...... هذه الأصنام التي صنعتموها بأيديكم البائسة , تحكمون بها وتقضون بها على كتاب الله تبارك وتعالى !!! 

قال تعالى:" إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَءَابَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَٰنٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَىٰ" 23 النجم , وقال تعالى :" مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَءَابَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَٰنٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ " 40 يوسف

ويلكم ثم ويلكم يا أعداء الله تبارك وتعالى , ورسوله صلى الله عليه وسلم  , فصبراً ... إن لكم ميعاد يوم محتوم , يوم تبيض وجوه وتسود وجوه , والله الموعد يا سود الوجوه , وحسبنا الله تبارك وتعالى ونعم الوكيل . 


  

هل هناك مصادر للأحكام والتشريع مع القرآن الكريم أو بعده؟

ونؤمن أن القرآن الكريم تامٌ بنفسه شافٍ وكافٍ للمؤمنين , ولا يحتاج لغيره من خارجه , وهو المصدر الوحيد للتشريع والأحكام والهدى والرشاد , فمن جاوزه إلى غيره , أو جمع معه ما ليس منه كمصادر تشريعية أو أحكام , أو أصنام أو طواغيت كالإجماع المزعوم وما يشبهه , أو العرف والتقاليد ,أو الأهواء والظنون وزُبالة أذهان البشر في صورة دساتير و قوانين وشرائع , تضاهي شريعة أحكم الحاكمين المنزلة , فهو خروج من ربقة العبودية وحدودها , والطغيان المستبين ومن الظلم الواضح والضلال المبين .

نحن المؤمنون ليس لدينا مصادر تشريعية , لأنه ليس لدينا مشرعين , لا جبريل عليه السلام ـ وحاشاه ـ  ولا النبي صلى الله عليه وسلم  وحاشاه  ـ  ولا أبا بكر ولا عمر رضى الله تبارك وتعالى عنهما , ولا أي أحد من الخلق أجمعين , إنما هو الله تبارك وتعالى وحده , لا شريك له , ومن نازعه في أي صفة من صفات العزة والإلهية قسمه الله تبارك وتعالى قاسم الجبابرة والمتألهين 


هل أصبح النبي صلى الله عليه وسلم بعد الرسالة يقرأ القرآن الكريم من الصحف

Did the Prophet, may God’s prayers and peace be upon him, become after the message read the Holy Qur’an from newspapers 



هل أصبح النبي صلى الله عليه وسلم بعد الرسالة يقرأ القرآن الكريم من الصحف


ونعتقد أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم  كان ينزل عليه جبريل عليه السلام بالقرآن الكريم نطقاً وصورة للآيات الكريمة كما هي في أم الكتاب بهذا الرسم والهيئة , وكانت صورة الآيات الكريمة تنطبع في ذاكرته فلا ينساها أبداً , ويأمر كتبة الوحي بكتابتها كما هي في أم الكتاب, ونعتقد أنه كان يقرأ القرآن الكريم , المكتوب في الصحف , ويعرف كلماته وحروفه , ولم يكن قبل الوحي والرسالة يقرأ شيئاً ولم يكن يعلم شيئاً لكن الله تبارك وتعالى منّ عليه واختصه بالنبوة والرسالة , ولأنه رسول مبعث بكتاب عظيم , فقد علمه الله تبارك وتعالى من ضمن ما علمه قراءة كتابه وبيان ما فيه من هدى وحق مبين , ولا أتصور رسول من عند الله تبارك وتعالى يبعث بكتاب ثم هو لا يعرف كتابه ولا يقرأه , ولا يميز بينه وبين غيره  من الكتب ! 

لقد تعلم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم  قراءة كتابه من أول آية نزلت عليه ,أول كلمة نزلت عليه في أول آية في أول سورة هي كلمة "اقرأ" في قوله تعالى "  بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ ١ خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِنۡ عَلَقٍ ٢ ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ ٣ ٱلَّذِي عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ ٤ عَلَّمَ ٱلۡإِنسَٰنَ مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ " ٥




لماذا كانت " اقرأ " أول كلمات الوحي والرسالة ؟

Why was "read" the first words of the revelation and ،

the message




أليس هذا امر من الله تبارك وتعالى للنبي محمدٌ صلى الله عليه وسلم أن يقراً ؟ وهل تكون القراءة إلا من كتاب مكتوب يقرأه القارئ ؟!  نعتقد أنها كانت عطاء وفتحاً وعلماً للنبي الكريم محمدٌ صلى الله عليه وسلم أنك قد أصبحت قارئاً لكتابك , فاقرأ يا محمدٌ صلى الله عليه وسلم كتاب ربك , واتل ما أوحى إليك من ربك , ... ولماذا غطّه وضمه رسول رب العالين جبريل عليه السلام المرة تلو المرة ؟ وهل ترى ذلك بلا فائدة ولا هدف ؟! لقد ضمه جبريل عليه السلام وآواه , فاذهب عنه كل ريب فيما يرى ويسمع , وكل ضعف الم به , وكل جهالةٍ نُسبت إليه , وكل غفلةٍ رنّت عليه من قبل , فما أرسله جبريل عليه من ربه الصلاة والتسليم إلا وقد ذهب عن ‏ الرسول صلى الله عليه وسلم  كل ذلك , فاصبح ثابتاً كالشم الرواسي في أداء رسالته , وأصبح قوياً في الحق لا يخاف في الله تبارك وتعالى لومة لائم , ولا يبالي بمن خالفه وعاداه , وأصبح قارئا ً لكتابه لا ينساه , وعالماً بهر الدنيا بنور النبوة وعلم الكتاب , فما توانى عن أداء رسالته , وما غفل عن ذكر ربه حتى توفاه .

وانظر في أول آيات نزلت عليه , لقد ذكر فيها القلم , وماذا يعني القلم ؟ أليس القراءة والكتابة ؟ وقوله تعالى " ٱلَّذِي عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ ٤ عَلَّمَ ٱلۡإِنسَٰنَ مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ " ٥  ألا ترى أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم  قد علمه ربه ما يكن يعلم ومن ضمن ما تعلمه واستفاده قراءة كتابه . 

ونؤمن أن القرآن الكريم كما هو في المصحف الشريف لا يزيد حرفاً عن ذلك ولا ينقص , وكل قراءة للقران الكريم تخالف ما هو مكتوب في المصحف الشريف ولو في حرفٍ واحد زيادة أو نفصاً , فهي باطلة وغير صحيحة .

الأحد، 22 نوفمبر 2020

هيئة نزول القرآن الكريم وهل كان للصحابة أي دخل في ترتيبه أو توليفه أو رسمه ؟ The commission for the revelation of the Noble Qur’an, and did the Companions have any involvement in its arrangement, synthesis or drawing

هيئة نزول القرآن الكريم وهل كان للصحابة أي دخل في ترتيبه أو توليفه أو رسمه ؟

هيئة نزول القرآن الكريم وهل كان للصحابة أي دخل في ترتيبه أو توليفه أو رسمه ؟


ونؤمن أن القرآن الكريم هو كلام الله تبارك وتعالى حقا وصدقاً وعدلاً , وليس مخلوقاً كما زعم الزنادقة المفترين , وليس هو من كلام البشر , ولا يشبه كلام البشر , وهو المنهج القويم والصراط المستقيم , ختم الله تبارك وتعالى به الكتب والرسالات , فهو المنهج القويم والسبيل المستبين لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً , ونؤمن أن القرآن الكريم نزل على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله علية وسلم  ليكون نذيرا للعالمين , به تمت الحجة على الناس جميعاً , وسقطت المعاذير , وأنار السبيل , وملاء الوجود رحمة وفضلاً , وحياةً وزكاةً للمؤمنين .

ونؤمن أنه نزل من السماء " كتاباً " كما هو في المصحف الشريف سور وآيات وكلمات وحروف ورسماً وهيئة وترتيباً , وليس للصحابة فيه دخل من أي جهة لا في ترتيبه ولا في توليفه ولا في رسمة وصورة كتابته , وإنما كُتب القرآن الكريم بين يدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم  كما هو مكتوب في أم الكتاب واللوح المحفوظ , قال ابن المبارك الذي نقل في كتابه «الإبريز» عن شيخه عبد العزيز الدباغ أنه قال له: «ما للصحابة ولا لغيرهم في رسم القرآن ولا شعرة واحدة، وإنما هو توقيف من النبي، وهو الذي أمرهم أن يكتبوه على الهيئة المعروفة بزيادة الألف ونقصانها، لأسرار لا تهتدي إليها العقول، وهو سر من الأسرار خص الله به كتابه العزيز دون سائر الكتب السماوية. وكما أن نظم القرآن معجز فرسمه  أيضا معجز! وكيف تهتدي العقول إلى سر زيادة الألف في «مائة» دون «فئة»؟

وإلى سر زيادة الياء في «بأييد» و «بأييكم»؟ أم كيف تتوصل إلى سر زيادة الألف في «سعوا» بالحج، ونقصها من «سعو» بسبأ؟ وإلى سر زيادتها في «عتوا» حيث كان نقصها من «عتو» في الفرقان؟  وإلى سر زيادتها في «آمنوا» وإسقاطها من «باؤ- جاؤ- تبوؤ- فاؤ» بالبقرة؟ وإلى سر زيادتها في «يعفوا الذي»، ونقصانها من «يعفو عنهم» في النساء؟ أم كيف تبلغ العقول إلى وجه حذف بعض أحرف من كلمات متشابهة دون بعض، كحذف الألف من «قرءنا» بيوسف والزخرف، وإثباتها في سائر المواضع؟ وإثبات الألف بعد واو «سموات» في فصلت وحذفها من غيرها؟

وإثبات الألف في «الميعاد» مطلقا، وحذفها من المواضع الذي في الأنفال؟ وإثبات الألف في «سراجا» حيث وقع، وحذفه من موضع الفرقان؟ وكيف تتوصل إلى حذف بعض التاءات  وربطها في بعض؟ فكل ذلك أسرار إلهية، وأغراض نبوية.

وإنما خفيت على الناس لأنها أسرار باطنية لا تدرك إلا بالفتح الرباني، بمنزلة الألفاظ والحروف المقطعة في أوائل السور،

 فإن لها أسرارا عظيمة، ومعاني كثيرة، وأكثر الناس لا يهتدون إلى أسرارها ولا يدركون شيئا من المعاني الإلهية التي أشير إليها!.

فكذلك أمر الرسم الذي في القرآن حرفا بحرف ,لو أخذنا الآية الكريمة في سورة النمل بشأن قول سليمان بالنسبة لغياب الهدهد لأعذّبنّه عذابا شديدا أو لأأذبحنّه أو ليأتينّى بسلطان مّبين [النمل: 21 قد زيدت الألف بكلمة (لأأذبحنّه) ولم تزد بكلمة: («لأعذبنه») مع أنهما متماثلتان وكاتبهما قطعا نفس الكاتب، وأيّ منصف يقول إن الكاتب لا يخطئ هنا، ولكن هنا لك سر استنبطه العلماء بعد ذلك ويمكن أن يأتي آخرون فيستنبطوا ما لم يعرفه من سبقهم. انتهى

ما هو الأدب الواجب في الكلام عن القرآن الكريم ؟
What is the etiquette required to speak about the Holy Quran



هذا وقد ذكرت كلام الشيخ الدباغ من باب الاستئناس وليس من باب الدليل, فكلام العلماء يحتاج إلى الدليل , ولا يكون دليلاً في نفسه إلا عند من يتخذونهم أرباباً من دون الله تبارك وتعالى ,وقد عافانا الله تبارك وتعالى من ذلك بفضل منه ورحمة, مع تحفظي الشديد على عباراته التي وردت آنفاً عندما يقول نقصت هنا , أو زادت هنا , فهذه العبارات لا تجوز في وصف كتاب الله تبارك وتعالى , رغم أن معنى كلام الشيخ صحيح ولذلك ذكرته , ولكن خالفه التوفيق في التعبير عن المعنى الصحيح الذى يقصده , لأن القرآن الكريم منزه عن النقص والزيادة في الحروف والكلمات والمعاني والرسم والإملاء , وكلام بعض العلماء الذين صنفوا في موضوع الرسم القرآني بتعبيرات مثل تعبيرات الشيخ الدباغ مثل حذف الألف وثبوتها أو زيادتها , اقصد يتكلمون عن الرسم القرآني , بمثل هذه التعبيرات " حذف " ثبوت وزيادة حرف هنا ! ... أقول هذا لا يجوز ولا يصح في الحديث عن كتاب الله تبارك وتعالى , فليس في القرآن الكريم حذف وثبوت وزيادة  ونقص , ولكن الصحيح والحق واللائق بكتاب رب العالمين تبارك وتعالى , أن نتكلم عنه بعبارات تؤدي المعنى الصحيح المقصود وهى في نفسها عبارات صحيحة لائقة بعظمة وجلال هذا الكتاب العظيم . 
والسبب في هذا الاعتداء والخطأ من هؤلاء العلماء ـ وانا أحسبهم حسنوا النية , ولا أظن بهم سوءا ـ  أنهم جعلوا رسمنا الإملائي معياراً للرسم القرآني الفريد المنزل من لدن حكيم خبير , ولعمرك إن هذا لشيءُ عجيب ! كيف نرفع رسمنا وإملاءنا فوق رسم القرآن الكريم , وكيف يكون معياراً نقيس عليه رسم القرآن الكريم ! 
يا قومنا القرآن الكريم معياراً لكل شيء , وميزاناً لكل شيء , كما أنه تبياناً لكل شيء , وهو يعلو ولا يُعلى عليه , ويسمو فوق العالمين , ويحكم ولا يُحكم عليه , ويهيمن على كل ما سواه , ويقضي على كل ما سواه ولا يُقضى عليه , هو الحق ... والحق لا يتعداه , هو النورُ 
الذي فلق ظلمات الغي والردى , والهدى والرشاد فيه تامٌ , يغنيك عن كل ما سواه .      

لماذا أمر الله تعالى بني إسرائيل بدخول القرية سجداً ؟

 لماذا أمر الله تعالى بني إسرائيل بدخول القرية سجداً ؟ وَإِذۡ قُلۡنَا ٱدۡخُلُواْ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةَ فَكُلُواْ مِنۡهَا حَيۡثُ شِئۡتُمۡ رَغَد...

مشاركات شائعة