بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 25 نوفمبر 2020

ما الذي يستفيده الشيطان الرجيم من ذنوب بني آدم؟

 


هل الإستعاذة عند قراءة القرآن الكريم واجبة؟




 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

قال الله تبارك وتعالى في سورة الإسراء " فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَٰنِ الرَّجِيمِ " 98 , فتحكيماً لهذه الآية الكريمة إذاً الإستعاذة عند قراءة القرآن الكريم واجبة , فليس في القرآن الكريم أمر على سبيل الندب والاستحباب ,وكلمة الشيطان في الرسم القرآني مختلفة عن الرسم الإملائي الحديث , والقرآن الكريم  يعلو ولا يُعلى عليه , فلا ينبغي أن نرفع رسمنا وطريقة إملائنا فوق رسم القرآن الكريم وإملائه , فهذا لا يجوز البتة وهو من التقدم بين يدي الله تبارك وتعالى ورسوله الذي بلغنا القرآن الكريم لفظاً ورسماً , ولم يقصر في ذلك, والقرآن الكريم  يحكم ويهيمن ويعلو ويملئ الوجود حكمة ورحمة وعلماً بكلماته وألفاظه ورسمه وطريقته وهدية وسمته ظاهراً وباطناً , هو معجز من كافة نواحيه وسماته, كافٍ لكل المؤمنين به يغنيهم عما سواه, شافٍ لهم من أمراض القلب وعلل النفس , والجسد تابع لهما صحيح بصحتهما , مريض بمرضهما , وموضوع الرسم القرآني له موضع غير هذا نفصل فيه الحديث إن شاء الله تبارك وتعالى .



ما الذي يستفيده الشيطان الرجيم من ذنوب بني آدم؟


أقول مستعيناً بالله تعالى وهو حسبي ونعم الوكيل , لا شك أن الأمر بالإستعاذة من الشيطان الرجيم له حكمة عظيمة, لا يمكننا الإحاطة بها كاملة ً ولكننا ينبغي أن نتدبر آيات القرآن الكريم ونحاول فهم بعض الحكمة والمعاني التي تحملها الآيات القرآنية  

فالشيطان الرجيم  يحاول دائماً إبعادنا عن صراط الله تبارك وتعالى المستقيم ,ليأخذنا في مسالكه وسبله المزينة والزائفة , وينصب شباكه لنا في كل سبيل لله تبارك وتعالى نسلكه , ثم يمضي لفنٍ آخر من فنون التزيين والفتنة بشباك آخرى , ثم يعود لشباكه الأولى لينظر من سقط فيها ومن نجى , إن الشيطان يعمل بلا كلل في الصد عن سبيل الله تبارك وتعالى بكل طاقته وإمكاناته , فالصيد وفير , والإنتصار في ميدان الغواية يثيره ويرفع من طاقته وقدراته , وكلما زاد صيده ورأى نتيجة عمله في كثرة الغاوين , وإنضمام أكثر الناس إلى حزبه وإستحقاقهم الرتب والنياشين , لأنهم من جنوده المخلصين , كلما رأى ذلك زاد شيطنة وازداد غروراً وطغياناً وقهراً لعابديه من الجن والإنس , أليس هو مخلوق من نار السموم ؟, إنه يحترق وينزف ناريته وسامومه , مما يعنى إنه سيبرد ولو بعد حين , ـ  لو أنه توقف عن الغواية , والصد عن سبيل الله تبارك وتعالى , أليس قد أبعده الله تبارك وتعالى وطرده من رحمته ووكله لنفسه وطبيعته النارية السمومية , فقد أصبح مسجوناً في هذه الطبيعة لا انفكاك منها , وهو قبل خطيئته العظمى لم يكن كذلك ,,, بل كان حراً طليقاً طائعاً لله تبارك وتعالى ولم يعصه من قبل , أما وقد تجرأ وتمرد على رب العالمين تبارك وتعالى فتم طرده من رحمة الله تبارك وتعالى والتي كانت تحتوي طبيعته تلك وتمنحه أسباب النجاة من طبيعته الطائشة , لذلك فإن الطرد والإبعاد جعله سجيناً لطبيعته المحترقة النازفة للطاقة , وعلى الرغم من أن اللعين أخذ لنفسه من رب العالمين تبارك وتعالى وعداً بالإنظار إلى يوم الدين , فهو محصن من الموت في الحياة الدنيا , ولكن لأنه أصبح سجيناً في طبيعته " نار السموم " فهو لا يهدأ عن الحركة لا يستطيع إيقافها ولا يكف عن الإحتراق ونزيف الطاقة تبعاً لذلك , فهو سجينً في هذه الطبيعة الهوجاء الغاوية , لا يملك إيقافها ولا يستطيع التخلص من مقتضاها , وعدم الحركة معناه البرودة , وهى مؤلمة ً له جداً , فهو دائماً يحتاج للإحتراق لينتج الطاقة التي تزيد من قدراته وترفع من كفاءة أعماله الغوية وشباكه  المنتصبة في كل سبيل لله تبارك وتعالى .

والشرك بالله جل جلاله وتباركت أسمائه والظلم والذنوب كلها هي المادة المظلمة الخبيثة التي يستمد منها الشيطان اللعين طاقة الحركة والإحتراق , فهو لا ينفك عن الأمر والدعوة للعصيان والتمرد على الله تبارك وتعالى , لتكثر الفواحش والموبقات والمظالم والشرك والكفر ليزداد طاقة من آثار هذه المعاصي فيزداد احتراقه فيزداد حركة وضلالاً وغياً , ويبتعد عن شبح البرودة  التي تؤلمه ألم الموت . فاللعين يحتاج للطاقة المتجددة  كما نحتاج نحن الطعام والشراب بشكل متجدد ومستمر لا غنى عنه , فهو لا يأكل ولا يشرب مثلنا , ولكن فقدان النارية المتأججة والسمومية , تعنى فقدانه للطاقة الشيطانية 

ونحن في طبيعتنا البشرية الضعيفة لا طاقة لنا بطبيعة الشيطان الرجيم , فهو يرانا ونحن لا نراه وهذه كافية في زوال الندية والهزيمة قبل أتبدأ الجولة وهو متحرك دائماَ داخل طبيعة تأبى السكون والبرودة , مندفع بقوة الإحتراق دوماً عكس إتجاه الإيمان والتقوى والدين والفضيلة في كافة التفاصيل والكليات , كما أن لدية من الخطط والوسائل والإستراجيات والتكتيكات ما يتناسب مع الزمان والمكان والصيد المطلوب , والهدف المستحق منهم  كل ذلك يجعلنا أمام عدوٍ ظلوم غاشم لا سبيل للرحمة والشفقة إلى قلبه أبداً , ولو أمكن منه الشفقة أو الرحمة لبني آدم لاتجهت طاقته الشيطانية للإفول , والبرودة , وهذا مؤلم له غاية الألم كأنه الموت كما سبق ذكره , ولذلك لا سبيل أبداً لزوال عداوته وشيطانيته , فهو مسجونٌ فيها وتملكه ,  ولذلك أمرنا ربنا جل جلاله وتباركت أسمائه بالإستعاذه منه دوماً , فنحن نستعيذ بالله تعالى وقدرته وقوته وسلطان كلماته التامة من هذا اللعين , ثم نتوكل على الله تبارك وتعالى في أمورنا , ومداومة الذكر والتذكر والتدبر في آيات الله تبارك وتعالى , وهذا حصننا وملاذنا وعصمتنا من هذا العدو الخبيث , ونحن عندما نفعل ذلك فإننا نطفئ ناره ويخبو سمومه , كأننا نقذفه بشلال من ماء بارد , والبرودة تؤلمه ألم الموت , فعندئذ فقط ينهزم عدو الله تبارك وتعالى ويولي الدبر , لا يلوي على شيء , وعندئذ فقط سنشعر بالسكينة والطمأنينة ـ والتي نفقدها عند غفلتنا عن ذكر الله تبارك وتعالى وبالتالي يحضرنا الشيطان بناره وسمومه وإحتراقه ـ وعندئذ فقط سنشعر بحلاوة المناجاة والصلاة بين يدي الله تبارك وتعالى ونسمع آيات الله تبارك وتعالى كأننا نسمعها لأول مرة , ولذلك لما غفل اكثر الناس عن ذكر الله تبارك وتعالى وأعرضوا عن كتابه وهديه شرعه المنزل ـ تلاوة وتحكيماً وإتباعاًـ استخفهم واستزلهم الشيطان وحضرهم ـ وحضور الشيطان مؤلم جداً للروح والنفس ـ فإذا حضرهم الشيطان ذهبت السكينة وولت الطمأنينة وحلت أضدادها ونقيضها في ساحة النفس والروح مما يسبب الألم النفسي والضنك , وضيق الصدر وحرجه, ونزيف روحي يوازي نزيف الطاقة عند الشيطان الرجيم لو سكنت حركته عن الغواية , وهذا الأثر لحضور الشيطان الرجيم لا انفكاك منه فهو لازم , ومترتب على الطبيعة المختلفة لكل من الشيطان والإنسان , قال الله تبارك وتعالى في سورة المؤمنون" وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنۡ هَمَزَٰتِ ٱلشَّيَٰطِينِ ٩٧ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحۡضُرُونِ ٩٨  "  ولكن المؤمنين الخالصين من عباد الله تبارك وتعالى إذا حضرهم الشيطان ومسهم لفح ناره وسمومه هبوا مسرعين لذكر الله تبارك وتعالى وإعادة تحديث ذاكرتهم بعداوة هذا اللعين , فإذا هم مستبصرون بفضل الله تبارك وتعالى وأغلقوا أبواب حصونهم التي كانت مواربة وهم عنها غافلون , قال الله تبارك وتعالى في سورة الإعراف " وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ نَزۡغٞ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ٢٠٠ إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ إِذَا مَسَّهُمۡ طَٰٓئِفٞ مِّنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبۡصِرُونَ  "٢٠١

وأما السواد الأعظم من الناس ـ ويا حسرةً على العباد ـ فلا أبواب ولا حصون ! والشياطين ترتع في ساحتهم , ويحضرونهم في كل شؤنهم وأحوالهم , مما يجعل آلامهم وبؤسهم وضنكهم يشتد , ونزيفهم الروحي مستمر , 

ولا يستبصرون ولا يتذكرون, نسوا الله تبارك وتعالى فنسيهم ووكلهم لأنفسهم ولطبيعتهم , قال الله تبارك وتعالى عن هؤلاء وسماهم بإخوان الشياطين  في سورة الإعراف " وَإِخۡوَٰنُهُمۡ يَمُدُّونَهُمۡ فِي ٱلۡغَيِّ ثُمَّ لَا يُقۡصِرُونَ " ٢٠٢ وبدلاً من أن يستغيثوا بالله ويتوبوا إليه فيكفيهم ويشفيهم ويجدد لهم مدد روحي , ويا ليتهم فعلوا لأفلحوا ونجوا من خزي الدنيا وضنكها وعذاب الأخرة  ولكنهم إزدادوا غياً إلى غيهم , وبعداً على بعدهم , فتهالكوا على الخمر والزنا وإطلاق العنان لشهواتهم لإماتة حواسهم لتسكن الآمهم , وهم في هذا الحال أبداً كالمستجير من الرمضاء بالنار ! حتى نفذ رصيدهم الروحي فماتت قلوبهم , وانطفئت كل مصابيحهم , فهم في ظلمات لا يبصرون , صم بكم عمى فهم لا يرجعون , وهم أضل سبيلاً من الأنعام , والله تعالى يحي من يشاء منهم بفضله ورحمته , والله ذو الفضل العظيم . 

بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ١ 

بعد إبعاد الشيطان الرجيم وطرده من جوارنا ونفيه خارج حدود نورنا المنبثق من إيماننا بالله تعالى وأعمالنا الصالحة , تأتي التحلية بعد التخلية , فنبدأ باسم الله تبارك وتعالى الذي هو أعظم الأسماء , الذي تحل به البركات , وصيّب الرحمات , وتُسكب من ذكره العبرات, ونعيم الدنيا والآخرة  في ذكره والثناء عليه قولاً وعملاً واعتقاداً , والرحمانية من أعظم الأسماء وأخصها بالله جل جلاله وتباركت أسمائه , فلا يتسمى به غيره , وهو من أوسع الأسماء الحسنى معنىً وآثاراً في الخلق , ولذلك وصف الله تبارك وتعالى الإستواء على أعظم مخلوقاته , بأعظم أسمائه وصفاته  , قال تعالى في سورة طه " ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ ٥ " والرحيم أخص أثراً في الخلق ومعناً , فالرحمانية تشمل كل المخلوقات والممكنات خلقاً وإعداداً وإمداداً ورعايةً وإحاطة وهى أكثر تعلقاً بالربوبية الشاملة المحيطة بكل المخلوقات والممكنات , أما الرحيم فهي أخص وتعلقها بإلاهية اكثر , وتعلقها بالمؤمنين المخلصين أكثر من غيرهم وأخص , قال تعالى : " هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيۡكُمۡ وَمَلَٰٓئِكَتُهُۥ لِيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ  وَكَانَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَحِيمٗا ٤٣ " الأحزاب


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لماذا أمر الله تعالى بني إسرائيل بدخول القرية سجداً ؟

 لماذا أمر الله تعالى بني إسرائيل بدخول القرية سجداً ؟ وَإِذۡ قُلۡنَا ٱدۡخُلُواْ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةَ فَكُلُواْ مِنۡهَا حَيۡثُ شِئۡتُمۡ رَغَد...

مشاركات شائعة